نكرة بلا خلاف ، فكذا يلزم أن يكون : لا أبا لك ، إذ المعرفة لا توافق النكرة معنى ؛ والجواب أنهم اتفقوا على أن معنى الجملتين ، أعني : لا أبا لك ولا أب لك سواء ، ولم يتفقوا على أن : أبا لك ، وأب لك بمعنى واحد ، وقد يكون المقصود من الجملتين واحدا ، مع أن المسند إليه في احداهما معرفة ، وفي الأخرى نكرة ، فالمسند ، أي خبر «لا» في : لا أبا لك ، محذوف ، أي : لا أبا لك موجود ، وأمّا في : لا أب لك ، فهو «لك» أي : لا أب موجود لك فالجملة الأولى بمعنى : لا كان أبوك موجودا ، والثانية بمعنى : لا كان لك أب ، ولا خلاف في اتحاد فحوى الجملتين مع كون المسند إليه في إحداهما معرفة وفي الأخرى نكرة ؛
ثم قال المصنف : إن الوجه في مثله أن يقال : هو ، وإن لم يكن مضافا للفساد المذكور ، لكنه مشابه للمضاف ، فأعطى حكم المضاف من إثبات الألف في : أبا ، وأخا ، وحذف النون في : غلامي ومسلمي ،
ولا يريد بمشابهته للمضاف أنه مضارع للمضاف بالتفسير الذي مرّ في باب المنادى ، إذ لو كان كذلك لوجب تنوينه ، كما في : لا حسنا وجمه ، ولا حافظا لكتاب الله ، وأيضا ، فإن أبا لك وأب لك عنده شيء واحد ، من حيث المعنى ، و «لك» في : لا أب لك إمّا خبر «لا» ، أو صفة لاسمها ، واسم «لا» لا يصير بالصفة ولا بالخبر مضارعا للمضاف ، بدليل أنك تقول : لا رجل في الدار ، ولا غلام ظريفا ، ولو كان مضارعا للمضاف ، لقلت : لا رجلا في الدار ، ولا غلاما ظريفا ؛
قوله : «لمشاركته له» ، أي لمشاركة نحو : أبا لك ، لأباك ، المضاف في أصل معناه ، أي في أصل معنى المضاف ، وذلك أن أصل معنى المضاف الذي هو «أبوك» ، وأصله «أب لك» ، كان تخصيص الأب بالمخاطب فقط ، ثم لمّا حذف اللام وأضيف ، صار المضاف معرفة ، ففي «أبوك» تخصيص أصلى وتعريف حادث بالإضافة كما يجيئ في باب الإضافة ، و «أب لك» يشارك «أبوك» في التخصيص الذي هو أصل معناه ؛ ومن ثمّ لم يجز ، أي من جهة أن اعطاءه حكم المضاف لمشاركته له في أصل معناه ، لم يجز : لا أبا فيها ، ولا رقيبي عليها ، لأن المضاف قبل الإضافة لم يكن بمعنى في ، وعلي ؛