بمعنى اللام ، لأنك تريد بالقوم : الكلّ ، والكل لا يطلق على بعضه ، وكذا : يد زيد ، ووجهه ، بمعنى اللام ، وإن كان يقال : بعض منه ، ونصف منه ، ويد منه ، لأن «من» التي تتضمنها الإضافة ، هي التبيينيّة ، كما في : خاتم حديد ، وأربعة دراهم ، وشرط «من» المبينة أن يصح إطلاق اسم المجرور بها على المبيّن كما في قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ) (١) ،
وأمّا قولك ثلاثة دراهم ، وراقود خلّ ، فإنما كنيت فيه بالمقدار عن المقدّر ، كما يجيئ في باب العدد ، فالثلاثة هي الدراهم ، والراقود هو الخل ، ومن ثمّ تقول : دراهم ثلاثة ، وخلّ راقود ، وثوب ذراعان ، وإن كان المقدار في الأصل غير المقدّر به ؛
وبقولنا : يصح إطلاقه على غير المضاف ، أيضا ، خرج نحو : جميع القوم ، وعين زيد ، وطور سيناء ، ويوم الأحد ؛ فجميعها ، إذن ، بمعنى اللام ، وكذا سعيد كرز ، ومسجد الجامع ، على ما يجيئ من التأويل ، لأن الثاني ، أعني الجامع غلب وتخصّص ، حتى إذا أطلق لم يتناول إلّا الأول ، فالجامع في العرف ، هو المسجد لا غير ؛
ولا يلزم فيما هو بمعنى اللام أن يجوز التصريح بها ، بل يكفي افادة الاختصاص الذي هو مدلول اللام ، فقولك : طور سيناء ، ويوم الأحد ، بمعنى اللام ، ولا يصح إظهار اللام في مثله ، فالأولى ، إذن ، أن نقول : نحو ضرب اليوم ، وقتيل كربلاء (٢) ، بمعنى اللام كما قاله باقي النحاة ، ولا نقول : إن إضافة المظروف إلى الظرف بمعنى «في» ، فإن أدنى ملابسة واختصاص يكفي في الإضافة بمعنى اللام ، كقول أحد حاملي الخشبة لصاحبه : خذ طرفك ، ونحو : كوكب الخرقاء (٣) لسهيل ، وهي التي يقال لها إضافة
__________________
(١) الآية ٣٠ سورة الحج ؛
(٢) كربلاء مكان بأرض العراق قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنهما ويقال له أيضا قتيل الطفّ ، وهو اسم جزء معيّن من أرض كربلاء ؛
(٣) هذا تعبير يريدون به النجم المعروف باسم سهيل ، ومضت الإشارة في الجزء الأول إلى أن البغدادي اعتبره شاهدا لأنه ورد في بيت شعر : هو قول الشاعر :
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة |
|
سهيل ، اذاعت غزلها في القرائب ؛ |