فالجواب : أنه لما فاتت موازنة المضارع ، لم يشترط فيه أحد الزمانين أو تقول : شرط كون إضافة اسمي الفاعل والمفعول لفظية : ألّا يكونا بمعنى الماضي ، لا أن يكونا بمعنى الحال أو الاستقبال ، كما سيجيئ في هذا الباب ، أو الاستمرار (١) ، كما يجيئ بعد ، والإطلاق يفيد الاستمرار ؛
وقالوا في : حسبك ، وشرعك ، وكافيك ، وناهيك ، وكفيك ونهيك ، ونهاك ، إنها لم تتعرّف لكونها بمعنى الفعل ، لأن معنى حسبك زيد : ليكفك زيد ، وكذا أخواته ، وإنما بني قدك ، وقطك ، وبجلك دون حسبك وأخواته ، لأنها (٢) صارت أسماء أفعال ، كما يجيئ في باب اسم الفعل ، بخلاف حسبك وأخواته ، ويدخل عليها (٣) من نواسخ الابتداء «إن» فقط ، كقوله تعالى : (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ)(٤) ، لأنها لا تغيّر معنى الكلام ، ولا تقع إذا جاوزت هذا الموضع إلا موقعا يصح وقوع الفعل فيه ، لأدائها معنى الفعل ، وتكون صفة للنكرة ، نحو : مررت برجل حسبك وكفيك ، وحالا من المعرفة ، نحو :
هذا عبد الله حسبك وشرعك ، منصوبين ؛
ولم يتصرّف في هذه ، إلا في الإعراب ، فلم تثنّ ولم تجمع ، لمشابهة قدك وقطك ؛ غير المتصرّفين ، وعلى هذا قالوا : مررت برجل كافيك من رجل ، وبرجلين كافيك من رجلين (٥) ، وبامرأة كافيك من امرأة ، اجراء له في عدم التصرف مجرى : قدك وقطك ؛
وقد استعمل «ناهيك» على أصله من التصرف ، فقيل : برجلين ناهييك من رجلين ، وبامرأة ناهيتك من امرأة ، وكذا سائر تصرفاته ؛ وقالوا : مررت برجل هدّك من رجل ، وبرجلين هدك من رجلين ، وبرجال هدّك من رجال ، وبامرأة هدّك من امرأة ؛
__________________
(١) أي نقول ان الشرط هو أن يكونا للاستمرار ، والإطلاق الذي تدل عليه غير ، مفيد للاستمرار ،
(٢) أي قدك وما بعده ،
(٣) أي على حسب وأخواته ،
(٤) الآية ٦٢ من سورة الأنفال ؛
(٥) في بعض الأمثلة هنا زيادة ليست في المطبوعة أو هي موجودة في بعض النسخ التي أشير إليها بالهامش ، رأيت أن إثباتها فيه استيفاء للأمثلة ؛