ومعنى هدك : أي أثقلك وصف محاسنه ، فأجروه مجرى : قدك ، في عدم التصرف ، لافادته فائدته ؛ وربّما جاء فعلا متصرّفا ، نحو : برجلين هدّاك من رجلين ، وبرجال هدّوك ، وبامرأة هدّتك ، وبامرأتين هدّتاك ، وبنسوة هددنك ؛
ويجوز أن يقال في حسبك ، وهدك ، ونهيك ، ونهاك ، وشرعك : انها لم تتصرّف ، لكونها في الأصل مصادر ؛
وبعض العرب يجعل «واحد امّه» و «عبد بطنه» : نكرتين ، قال حاتم :
٢٧٧ ـ أماويّ ، اني ربّ واحد أمّه |
|
أخذت فلا قتل عليه ولا أسر (١) |
وليست العلة في تنكيرهما : ما قال بعضهم ، ان «واحد أمه» ، مضاف إلى أمّ ، و «أمّ» مضاف إلى ضمير «واحد» ، فلو تعرّف بضميره لكان كتعرّف الشيء بنفسه ؛ وذلك (٢) ، لأن الضمير في مثله لا يعود إلى المضاف الأول ، بل إلى ما تقدم عليه من صاحب ذلك المضاف ، نحو : ربّ رجل واحد أمه ، فالهاء عائدة إلى «رجل» ، وكذا في قوله : ربّ واحد أمه ، أي ربّ رجل واحد أمه ، وسيجيء في باب المعرفة والنكرة ، أن الضمير الراجع إلى نكرة غير مختصة : نكرة ، كقولك : ربّ شاة وسخلتها ، فإن كان ذلك المضاف معرفة تعرّف المضاف ، لكون الضمير معرفة ، نحو : زيد واحد أمه ، وكذا ان كان نكرة مختصة ، نحو : رأيت رجلا هو واحد أمه ؛ وكذا ينبغي أن يكون قولك : صدر بلده ، ورئيس قبيلته ، وابن أمه ، ونادرة دهره ، ونحو ذلك ؛
وأجاز ابن كيسان (٣) تنكير المضاف الذي لا مانع فيه من التعريف ، لنيّة الانفصال ،
__________________
(١) هذا من قصيدة جيدة لحاتم الطائي ، أولها :
أماويّ ، قد طال التجنب والهجر |
|
وقد عذرتني في طلابكم العذر |
وقد بدأ كثيرا من أبياتها بمثل هذا البدء : أماويّ ؛ ومنها قوله :
أماويّ ، ما يغني الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر |
(٢) تعليل قوله : وليست العلة في تنكيرهما ... الخ ؛
(٣) أبو الحسن ، محمد بن أحمد من مشاهير النحاة ، تقدم ذكره في هذا الجزء وفي الجزء الأول ؛