وأمّا القياس فلكونه مستقلا ، ومقصودا بالذكر ، ولذا لم يشترط مطابقته للمبدل منه تعريفا وتنكيرا ؛
والجواب (١) عن الأوّل ، أن «لبيوتهم» ، الجار والمجرور ، بدل من الجار والمجرور ، والعامل ، وهو «لجعلنا» غير مكرر ، وكذا في غيره ،
فإن قيل : لو لم يكن المجرور وحده بدلا من المجرور ، لم يسمّ هذا بدل الاشتمال ، لأن الجار والمجرور ليس بمشتمل على الجار والمجرور ، بل البيت مشتمل على الكافر ، وكذا في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) (٢) : من آمن ، بعض الذين استضعفوا ؛
قلنا : لمّا لم يحصل من اللام فائدة إلّا التأكيد ، جاز لهم أن يجعلوه كالعدم ، ويسمّوه بدل الاشتمال ، نظرا إلى المجرور ؛ ولا يكرّر في اللفظ في البدل من العوامل إلا حرف الجر ، لكونه كبعض المجرور ؛
والجواب عن القياس أن استقلال الثاني وكونه مقصودا ، يؤذن بأن العامل هو الأول ، لا مقدّر آخر ، لأن المتبوع ، إذن ، كالساقط فكأن العامل لم يعمل في الأول ولم يباشره ، بل عمل في الثاني ؛
ومذهب سيبويه ، والمبرد ، والسيرافي ، والزمخشري ، والمصنف ، أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه ، إذ المتبوع في حكم الطرح فكأنّ عامل الأول باشر الثاني ؛
هذا ، وستعرف في باب عطف البيان : أنه في الحقيقة هو البدل ، فحكمه فيما ذكرنا حكم البدل ؛
وأمّا عطف النسق ، ففيه ثلاثة أقوال : قال سيبويه : العامل في المعطوف هو الأول
__________________
(١) مناقشة لرأي القائلين بأن العامل في البدل مقدر ،
(٢) الآية ٧٥ من سورة الأعراف ؛