أمّا الصفة ، والتوكيد ، وعطف البيان ، ففيها ثلاثة أقوال :
قال سيبويه (١) : العامل فيها هو العامل في المتبوع ؛ وقال الأخفش : العامل فيها معنوي ، كما في المبتدأ أو الخبر ، وهو كونها تابعة ؛ وقال بعضهم : إن العامل في الثاني مقدّر من جنس الأول ؛
ومذهب سيبويه أولى : لأن المنسوب إلى المتبوع في قصد المتكلم ، منسوب إليه مع تابعه ، فإن المجيء في جاءني زيد الظريف ، ليس في قصده منسوبا إلى زيد مطلقا ، بل إلى زيد المقيّد بقيد الظرافة ، وكذا في : جاءني العالم زيد ، وجاءني زيد نفسه ؛ فلمّا انسحب على التابع حكم العامل المنسوب معنى ، حتى صار التابع والمتبوع معا كمفرد منسوب إليه ، وكان الثاني هو الأول في المعنى ؛ كان الأولى انسحاب عمل المنسوب عليهما معا تطبيقا للّفظ بالمعنى ؛ أمّا إذا قلت : جاءني غلام زيد ، فالمنسوب إليه ، وإن كان الغلام مع زيد ، إلّا أن الثاني ليس هو الأول معنى ، فلم يعمل العامل فيهما معا ؛ وجعله معنويا ، كما ذهب إليه الأخفش ، خلاف الظاهر ، إذ العامل المعنوي في كلام العرب بالنسبة للّفظيّ ، كالشاذ النادر ، فلا يحمل عليه المتنازع فيه ؛
وتقدير العامل خلاف الأصل أيضا ، فلا يصار إلى الأمر الخفي ، إذا أمكن العمل بالظاهر الجليّ ؛
وأمّا البدل ، فالأخفش ، والرمّاني ، والفارسيّ ، وأكثر المتأخرين ، على أن العامل فيه مقدر من جنس الأول ، استدلالا بالقياس والسماع ،
أمّا السماع فنحو قوله تعالى : (لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ) (٢) ، وغير ذلك من الآي ، والأشعار ؛
__________________
(١) حديث سيبويه عن التوابع في الجزء الأول ص ٢٠٩ وما بعدها ، وقد تضمن كلام الرضي هنا كثيرا مما جاء في سيبويه ، بلفظه أو بمعناه ؛
(٢) الآية ٣٣ من سورة الزخرف ،