وأجاز الفرّاء والكسائي (١) : نصب ذلك الاسم نحو : فيك زيد راغبا ، على تقدير ، فيك رغبة زيد راغبا ، والحال دال على المضاف المحذوف ، أي هو يرغب فيك خاصة في حال رغبته في شيء ، أي : إن رغب في شيء فهو يرغب فيك ؛ قوله : «ولا على المجرور في الأصح» ، الذي تقدم ، كان أحكام تقدم الحال على عامله ، وتأخره عنه ؛ وهذا حكم تقدم الحال على صاحبها.
واعلم أن الكوفيين منعوا تقديم الحال على صاحبها ، إذا كان صاحبها ظاهرا ؛ مرفوعا كان ، أو منصوبا ، أو مجرورا ، إلا في صورة واحدة ، وهي : إذا كان ذو الحال مرفوعا والحال مؤخر عن العامل ، فيجوّزون : جاء راكبا زيد ، ولا يجوّزون : راكبا جاء زيد ؛ وبعضهم يجوّز ، أيضا تقديم الحال على ذي الحال المنصوب المظهر ، إذا كان الحال فعلا ، نحو : ضربت ، وقد جرّد ، زيدا ؛
وأمّا إذا كان ذو الحال ضميرا ، فجوّزوا تقديم الحال عليه ، مرفوعا ، كان ، أو منصوبا أو مجرورا ، قالوا : وذلك لأن ذا الحال إذا كان مظهرا وقدمت الحال عليه ، أدّى إلى الاضمار قبل الذكر ، لأن في الحال ضميرا يعود على ذي الحال المتأخر ؛ وأمّا إذا كان ضميرا ، فالضميران يشتركان في عودهما على مفسّر لهما ، وأمّا جواز تلك الصورة الواحدة ، أعني نحو : جاء راكبا زيد ، فلشدة طلب الفعل للفاعل ، فكأن الفاعل ولي الفعل ، والحال ولي الفاعل ، فلا يكون اضمارا قبل الذكر ؛
وأمّا البصرية فأجازوا تقديم الحال على صاحبه المرفوع والمنصوب ، سواء كان مظهرا أو مضمرا ، لأن النيّة في الحال : التأخير عن صاحبه ، فلا يكون اضمارا قبل الذكر ، كما ذكرنا في تقديم خبر المبتدأ ، نحو : في داره زيد ، وفي الفاعل والمفعول نحو : «فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى». (٢) ؛
__________________
(١) الفراء ، تقدم ذكره ، والكسائي هو علي بن حمزة ، زعيم نحاة الكوفة ، وأحد القراء السبعة ، وهو والفراء ممن تكرر ذكرهم في هذا الشرح ؛
(٢) الآية ٦٧ سورة طه