وأمّا إذا كان ذو الحال مجرورا ، فان انجرّ بالاضافة إليه ، لم يتقدم الحال عليه اتفاقا ، سواء كانت الاضافة محضة ، كما في قوله تعالى : (اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ، (١) أو ، لا ، نحو : جاءتني مجرّدا ضاربة زيد ، وذلك لأن الحال تابع وفرع لذي الحال ، والمضاف إليه لا يتقدم على المضاف فلا يتقدم تابعه أيضا ؛.
وان انجرّ ذو الحال بحرف الجر ، فسيبويه وأكثر البصرية ، يمنعون ، أيضا ،
ونقل عن ابن كيسان (٢) ، وأبي عليّ ، وابن برهان ؛ الجواز ، استدلالا بقوله تعالى : «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ» ؛ (٣)
ولعلّ الفرق بين حرف الجر والاضافة : أنّ حرف الجر ، معدّ للفعل كالهمزة. والتضعيف ، فكأنه من تمام الفعل ، وبعض حروفه ، فإذا قلت : ذهبت راكبة بهند ، فكأنك قلت : أذهبت راكبة هندا ، وقال الشاعر :
١٨٧ ـ لئن كان يرد الماء هيمان صاديا |
|
إليّ حبيبا ، انها لحبيب (٤) |
وقال آخر :
١٨٨ ـ إذا المرء أعيته المروءة ناشئا |
|
فمطلبها كهلا عليه شديد (٥) |
وبعضهم يجعل «كافة» حالا من الكاف ، والتاء للمبالغة ، وهو تعسّف ،
__________________
(١) جزء من الآية ١٢٣ من سورة النحل ؛
(٢) أبو الحسن محمد بن أحمد ، بن كيسان ، من مشاهير النحاة ، تقدم ذكره في الجزء الأول وسيتكرر ذكره.
وأمّا أبو علي الفارس وابن برهان فقد مضى ذكرهما قريبا ؛
(٣) الآية ٢٨ سورة سبأ ؛
(٤) من قصيدة لعروة بن حزام العذري ، واللام في قوله : لئن كان ، واقعة في جواب القسم في قوله قبل ذلك :
حلفت بربّ الراكعين لربّهم |
|
خشوعا وفوق الراكعين رقيب |
(٥) من أبيات نسبت لكثير من الشعراء ، قال البغدادي : رأيت نسبتها للمخبّل السعدي وقال إنها أبيات مستجادة ، وأورد عددا منها ومما أورده منها قوله :
وكائن رأينا من غنيّ مذمّم |
|
وصعلوك قوم مات وهو حميد |