[قال الرضى :]
اعلم أن الجملة ليست نكرة ولا معرفة ، لأن التعريف والتنكير من عوارض الذات إذ التعريف : جعل الذات مشارا بها إلى خارج ، إشارة وضعية ، والتنكير : ألّا يشار بها إلى خارج في الوضع ، كما يجيء في باب المعرفة والنكرة ، وإذا لم تكن الجملة ذاتا ، فكيف يعرض لها التعريف والتنكير ؛ فيخصص قولهم : النعت يوافق المنعوت في التعريف والتنكير بالنعت المفرد.
فإن قيل : فإذا لم تكن الجملة لا معرفة ولا نكرة ، فلم جاز نعت النكرة بها دون المعرفة؟
قلت : لمناسبتها للنكرة ، من حيث يصح تأويلها بالنكرة ، كما تقول في ، قام رجل ذهب أبوه ، أو : أبوه ذاهب : قام رجل ذاهب أبوه ، وكذا تقول في ، مررت برجل أبوه زيد : إنه بمعنى : كائن أبوه زيدا ؛
وكل جملة يصح وقوع المفرد مقامها (١) ، فلتلك الجملة موضع من الإعراب ، كخبر المبتدأ ، والحال ، والصفة ، والمضاف إليه ؛
ولا نقول إن الأصل في هذه المواضع هو المفرد ، كما يقول بعضهم ، وان الجملة إنما كان لها محل لكونها فرع المفرد ، لأن ذلك دعوى بلا برهان ، بل يكفي في كون الجملة ذات محل : وقوعها موقعا يصح وقوع المفرد هناك (٢) ، كما في المواضع المذكورة ؛
وقال بعضهم : الجملة نكرة ، لأنها حكم ؛ والأحكام نكرات ؛ إشارة (٣) إلى أن الحكم
__________________
(١) مقامها ، أي موقعها ، وهو تعبير منظور فيه إلى المعنى ، أي يصح وقوع المفرد موقعها ، أو : يصح قيام المفرد مقامها ، ويكثر مثله في كلام الرضي ،
(٣) هناك إشارة إلى «موقعا» أي يصح وقوع المفرد فيه ،
(٤) يعني أن هذا البعض اعتمد في حكم على الجملة بأنها نكرة بأن الأصل في الحكم أن يكون مجهولا .. الخ