الطارئ على مدلوليهما الوضعيّين ، متساويان ، وفي قولك : هذا الرجل ، لفظ «هذا» أعمّ من الرجل من حيث إنه يصح أن يشار به بوضع واحد إلى أيّ مشار إليه كان ؛ لكن التعريف الاشاري أقوى من تعريف ذي اللام ، كما يجيء.
فعلى هذا ، يختص قولهم : الموصوف أخصّ أو مساو ، بالمعرفة ، فينبغي أن تعرف مراتب المعارف في كون بعضها أقوى من بعض ، حتى تبني عليه الأمر في قولهم : الموصوف أخصّ أو مساو ؛
فالمنقول عن سيبويه ، وعليه جمهور النحاة ، أن أعرفها المضمرات ، ثم الأعلام ، ثم اسم الاشارة ، ثم المعرّف باللام والموصولات ؛
وكون المتكلم أعرف المعارف : ظاهر ، وأمّا الغائب فلأن احتياجه الى لفظ يفسّره ، جعله بمنزلة وضع اليد (١) ؛
وإنما كان العلم أخصّ وأعرف من اسم الإشارة ، لأن مدلول العلم ذات معيّنة مخصوصة عند الواضع كما عند المستعمل ، بخلاف اسم الإشارة فإن مدلوله عند الوضع : أيّ ذات معيّنة كانت ، وتعيينها إلى المستعمل ، بأن يقترن به الاشارة الحسيّة ، فكثيرا ما يقع اللبس في المشار إليه اشارة حسية ، فلذلك كان أكثر أسماء الإشارة موصوفا في كلامهم ؛
ولذا لم يفصل بين اسم الاشارة ووصفه ، لشدة احتياجه اليه ، وإنما كان اسم الاشارة أخصّ وأعرف من المعرّف باللام ، لأن المخاطب يعرف مدلول اسم الإشارة بالعين والقلب معا ، ومدلول ذي اللام ، يعرف بالقلب دون العين ، فما اجتمع فيه معرفة بالقلب والعين ، أخص مما يعرف بأحدهما ، ولضعف تعرّف ذي اللام ، يستعمل بمعنى النكرة نحو قوله تعالى : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ)(٢) كما يجيء في باب المعرفة والنكرة ، والموصول كذى اللام ؛ وأمّا
__________________
(١) يعني أنه غير مستحق للتعريف بذاته بل استفاده من مفسره ؛
(٢) الآية ١٤ سورة يوسف