وقال في بدل الاشتمال :
٣٥٩ ـ ذريني ان أمرك لن يطاعا |
|
وما ألفيتني حلمي مضاعا (١) |
بخلاف بدل الكل من الكل ، فإن غير الأخفش لا يجيز نحو : بي المسكين مررت ، ولا : عليك الكريم المعوّل : قالوا (٢) : لأن البدل ينبغي أن يفيد ما لم يفده المبدل منه ، ومن ثمّ لم يجز : بزيد رجل ؛ وافادة بدل البعض والاشتمال والغلط ذلك : ظاهرة ، لأن مدلول هذه الثلاثة غير مدلول الأول ، وأمّا بدل الكل فمدلوله مدلول الأول فلو أبدلنا فيه الظاهر من أحد الضميرين ، أي المتكلم والمخاطب ، وهما أعرف المعارف كان البدل أنقص في التعريف من المبدل منه ، فيكون أنقص في الإفادة منه ، إذ المدلولان واحد وفي الأول زيادة تعريف ؛
وجواب الأخفش بمنع اتحاد المدلولين في بدل الكل ، كما ذكرنا في هذا الباب (٣) ، ولو اتحدا ، لكان الثاني تأكيدا لا بدلا ، وإفادة الثاني في المثالين زيادة فائدة ، من صفة المسكنة والكرم : ظاهرة ، ولا يضر نقصان الثاني في التعريف عن الأول ، ألا ترى إلى جواز : مررت بزيد رجل عاقل ، فربّ نكرة أفادت ما لا تفيده المعرفة ، وإن كان في المعرفة فائدة التعريف التي ليست في النكرة ،
واستدل الأخفش بقوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا)(٤) والباقون يقولون إنه نعت مقطوع للذّم امّا مرفوع الموضع أو منصوبه ، ولا يلزم (٥) أن يكون كل نعت مقطوع ، يصح اتباعه نعتا ، بل يكفي فيه معنى الوصف ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ، الَّذِي جَمَعَ مالاً)(٦) ،
__________________
(١) من أبيات لعدي بن زيد العبادي وهو شاعر جاهلي ؛
(٢) قالوا أي النحاة غير الأخفش على ما تقدم ،
(٣) وضح الشارح هذا المعنى في أول الباب ،
(٤) الآية ١٢ سورة الانعام ،
(٥) رد عما يمكن أن يقال ان الأول في الآية ضمير وهو لا ينعت ،
(٦) أول سورة الهمزة وتقدمت