وقال ابن مالك : لا يبدل من الضمير اللازم الاستتار ، وهو في : «افعل» أمرا ، و «تفعل» في الخطاب ، و «أفعل ونفعل» ؛ وإذا وقع ما يوهم ذلك فهناك فعل مقدّر من جنس الأول ، نحو : تعجبني جمالك ، أي : تعجبني : يعجبني جمالك ؛ ولعلّ ذلك (١) ، استقباحا لإبدال الظاهر مما لا يقع لا ظاهرا ولا بارزا ؛
وإذا أبدل ممّا تضمن معنى الاستفهام ، فلا بدّ من اقتران الهمزة بالبدل ، نحو : من لقيت؟ أزيدا أم عمرا ، لبيان أنه بدل من متضمن الاستفهام ؛ وأمّا قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ ، عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)(٢) ، فهو كأنه جواب الاستفهام وليس ببدل ؛
واختلف النحاة في المبدل منه ، فقال المبرد : إنه في حكم الطرح معنى ، بناء على أن المقصود بالنسبة هو البدل لا المبدل منه ؛
وعلى ما ذكرنا من فوائد البدل والمبدل منه ، يتبيّن أن الأول ليس في حكم الطرح معنى إلّا في بدل الغلط ؛
ولا كلام في أن المبدل منه ليس في حكم الطرح لفظا ، لوجوب عود الضمير إليه في بدل البعض وبدل الاشتمال ، وأيضا في بدل الكل إذا كان ضميرا لا يستغنى عنه نحو : ضربت الذي مررت به أخيك ، أو ملتبسا بضمير كذلك نحو : الذي ضربت أخاه ، زيد : كريم ؛
وقد يعتبر الأول في اللفظ دون الثاني ، قال :
٣٦٠ ـ وكأنه لهق السّراة كأنه |
|
ما حاجبيه معيّن بسواد (٣) |
ولم يقل معيّنان ؛ وقال :
__________________
(١) التماس وجه لتبرير ما ذهب إليه ابن مالك ؛
(٢) أول سورة النبأ ،
(٣) الشاهد فيه أنه أبدل الحاجبين من الضمير في كأنه ، وما ، زائدة ، ثم قال معيّن فراعى الضمير المبدل منه ، والبيت في تشبيه البعير في نشاطه بالثور الوحشي الأبيض ، والسراة أعلى الظهر ، وفي سيبويه ج ١ ص ٨٠ نسبته إلى الأعشى ولكن البغدادي قال انه من الأبيات الخمسين التي لم يقفوا لها على قائل ؛