وإذا انتفى المضارع بلفظ «ما» لم تدخله الواو ، لأن المضارع المجرد (١) يصلح للحال ، فكيف لا (٢) ، إذا انضم معه ما يدل بظاهره على الحال وهو «ما» ، فعلى هذا ينبغي أن يلزمه الضمير ؛
وإذا انتفى المضارع بلا ، لزمه الضمير ، كما يلزم المضارع المثبت ، على ما ذهب اليه النحاة ، والأغلب تجرده عن الواو كالمثبت ، لأن معنى جاءني زيد لا يركب ، أي : غير راكب ، فهو واقع موقع المفرد ، ودخول «لا» لا يغيّر الكلام في الأغلب عما كان عليه ، لكثرة استعمالها ، فلهذا جاز : إن تزرني لا أزرك ، أو : فلا أزورك ، كما تقول : ان تزرني أزرك ، أو : فأزورك ، وكذا تقول : كنت بلا مال ؛ لكن مصاحبة المضارع المصدّر بلا ، للواو ، أكثر من مصاحبة المضارع المجرّد لها ، إذ ليس الحال في الحقيقة ، في نحو : لا يركب ، مشابها للمفرد لفظا ومعنى ، كما شابهه في نحو : يركب ، لأن الحال في الأول : انتفاء الصفة ، ف «لا» مع الجملة ، هو الحال ؛ ولا ينتفي المضارع حالا بلن ، لما ذكرنا قبل (٣) ؛
قوله : «ولا بدّ في الماضي المثبت من قد ، ظاهرة أو مقدّرة» ، قد تقدم علة ذلك ، والأخفش ، والكوفيون غير الفراء ، لم يوجبوا «قد» في الماضي المثبت ظاهرة أو مقدّرة ، استدلالا بنحو قوله :
١٩٦ ـ واني لتعروني لذكراك هزة |
|
كما انتفض العصفور بلّله القطر (٤) |
وقوله تعالى : (أوجاءوكم حصِرت صدورهم) (٥) ، وغيرهم أوجبوه ، لما مضى (٦). والأول قريب ؛ وقيل ان الماضي في نحو قولهم : اضربه قام أو قعد : حال ، ويجب تجرده عن
__________________
(١) أي المجرد من «ما» ،
(٢) أي فكيف لا يصلح إذا كان معه «ما»
(٣) وهو وجوب تجريده من علامة الاستقبال ؛
(٤) من قصيدة لصخر الفيّ الهذلي ، أوردها البغدادي كلها ، نقلا عن أمالي القالي ، وشرحها وهي جيدة المعنى ، وكلها في الغزل ؛
(٥) الآية ١٩٠ سورة النساء ،
(٦) لأنها تقربه من حال التكلم فيتناسب مع معنى الحال ؛