«قد» ظاهرة أو مقدرة ؛ والأولى أنه شرط لا حال ، أي : ان قام أو قعد ، كما يجيئ في حروف العطف ، ولو كان حالا لسمع معه «قد» أو الواو ، كما في غيره من الماضي الواقع حالا ؛
وإذا كان الماضي بعد «إلّا» ، فاكتفاؤه بالضمير من دون الواو ، وقد : أكثر ، نحو : ما لقيته الّا أكرمني ، لأن دخول «الّا» في الأغلب الأكثر على الأسماء ، فهو بتأويل : الّا مكرما لي ، فصار كالمضارع المثبت ، وقد يجيئ مع الواو ، وقد ، نحو قولك : ما لقيته إلا وقد أكرمني ، ومع الواو وحدها نحو : ما لقيته إلا وأكرمني ؛ لأن الواو مع «الّا» تدخل في حيّز المبتدأ فكيف الحال؟ ، كما تقدم ؛ ومثاله : ما رجل إلا وله نفس أمّارة ؛ ولم يسمع فيه «قد» من دون الواو ، نحو : ما لقيته إلا قد أكرمني ؛
وفي غير هذا الموضع (١) ينظر ، فإن كان مع الماضي المثبت ضمير ، فثبوت «قد» معه ، أكثر من تركها ، وقد جاء ذلك أيضا نحو قوله تعالى : (أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (٢) ، قالوا ان «قد» فيه مقدرة ؛ واجتماع الواو وقد ، حينئذ ، أكثر من انفراد أحدهما ، وانفراد «قد» أكثر من انفراد الواو ؛ فنحو : جاءني زيد وقد خرج أبوه ، أكثر ، ثمّ : قد خرج أبوه ، ثم : وخرج أبوه ، فان لم يكن معه ضمير ، فالواو مع «قد» لا بدّ منهما ، كقوله :
يقول وقد ترّ الوظيف وساقها |
|
ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد (٣) ـ ١٧٦ |
ولا يقال : جاءني زيد ، قد خرج عمرو ، ولا جاءني زيد (٤) وخرج عمرو ،
وأجاز الأندلسيّ على ضعف ، دخول «قد» في الماضي المنفي بما ، نحو : ما قد ضرب أبوه ، وليس بوجه ، لعدم السماع ، والقياس ، أيضا لكون «قد» لتحقق الوقوع ، و «ما» لنفيه ؛
__________________
(١) أي إذا لم يكن بعد إلا ،
(٢) الآية المتقدمة قبل قليل ؛
(٣) تقدم ذكره في أول الحديث عن الحال ؛
(٤) أي لا يقال ذلك على جعل الجملة الثانية حالا ، وإن كان جائزا على أن تكون الثانية من عطف الجمل ، وهذا بالنسبة للمثال الثاني ، أما الأول فهو موضع نظر ؛