بلا فصل ، لأنه معيّن للمسئول عنه ، ومبيّن له ؛
فبان لك بهذا أن الجملة بعد الضمير لم يؤت بها لمجرّد التفسير ، بل هي كسائر أخبار المبتدآت ، لكن سميّت تفسيرا ، لما بيّنته.
والقصد بهذا الإبهام ثم التفسير : تعظيم الأمر ، وتفخيم الشأن ، فعلى هذا ، لا بدّ أن يكون مضمون الجملة المفسّرة شيئا عظيما يعتنى به ، فلا يقال ، مثلا ، هو الذباب يطير ؛
وقد يخبر عن ضمير الأمر المستفهم عنه تقديرا ، بالمفرد ، تقول : هو الدهر ، حتى لا يبقى على صرفه باقية ، قال أبو الطيب :
٣٩٣ ـ هو البين حتى ما تأنّى الحزائق |
|
ويا قلب حتى أنت ممّن أفارق (١) |
كانه قال : أي شيء وقع من المصائب ، فقال : هو البين ، وقوله : حتى ما تأنّى ، مبني على ما يفهم من استعظام أمر البين المستفاد من إبهام الضمير ، أي : ارتقى البين في الصعوبة حتى لا يتأنّى جماعات الإبل أيضا ؛
وأجاز الفراء أن يفسّر ضمير الشأن ، أيضا ، مفرد مووّل بالجملة نحو : كان قائما زيد ، وكان قائما الزيدان أو الزيدون ، على أن «قائما» في جميعها خبر عن ذلك الضمير ، وما بعده مرتفع به ؛
وكذا أجاز نحو : ظننته قائما زيد ، أو الزيدان ، أو الزيدون ؛ وكذا : ليس بقائم أخواك ، وما هو بذاهب الزيدان ؛
__________________
(١) هو مطلع قصيدة لأبي الطيب المتنبي في مدح الحسين بن إسحاق التنوخي وبعده :
وقفنا ومما زاد بثا وقوفنا |
|
فريقي هوى منا مشوق وشائق |
وقد صارت الأجفان قرحى من البكا |
|
وصار بهارا في الخدود الشقائق |
على ذا مضى الناس ، اجتماع وفرقة |
|
وميت ومولود ، وقال ووامق |
والرضي يورد كثيرا من شعر المتنبي وللعلماء آراء مختلفة في الاستشهاد بمثل شعره ،