والبصريون يمنعون جميع ذلك ، ولا يجوّزون إلا نحو : ليس بقائمين أخواك ، وما هو بذاهبين الزيدان ، على أن يكون أخواك اسم ليس ، وبقائمين خبر مقدم ، أو يكون اسم ليس ضمير الشأن والجملة الابتدائية المتقدمة الخبر خبرها ؛
وذكر السيرافي لتجويز ما أجازه الفراء من نحو : ما هو بذاهب الزيدان ، وجها ، وذلك أن الصفة مع فاعلها في نحو : ما ضارب الزيدان ، جملة لأنها مبتدأ مستغن عن الخبر ، فيكون ضمير الشأن مفسّرا بجملة ؛
وفيما ذكر نظر ، على مذهب البصريين ، لأن الصفة ، عندهم ، إنما تكون مع فاعلها جملة ، إذا اعتمدت على نفس «ما» ، لا على المبتدأ بعدها ، فخبر «ما» في نحو ما زيد بضارب أخوه ، مفرد ؛
وبعض البصريين يمنع من نحو : ليس بذاهبين أخواك ، وما هو بذاهب زيد ، على أن في ليس ضمير الشأن ، قال : لأن الشأن تفسيره جملة ، ولا تكون الباء في خبر «ما» وليس ، إلا إذا كان مفردا ؛
وأمّا قوله تعالى : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ)(١) ، فيجوز أن يكون «هو» ضمير التعمير الذي تضمنه قوله قبل : «لو يعمر» ، و «أن يعمّر» ، بدل من «هو» ، أو يكون «هو» راجعا إلى «أحدهم» ، و «أن يعمّر» فاعل «بمزحزحه» ، نحو : ما زيد بنافعه فضله ؛
والبصريون يوجبون التصريح بجزأي الجملة المفسّرة لضمير الشأن لأنها مفسّره ، فالأولى استغناء جزأيها عن مفسّر ؛
وأجاز الكوفيون عدم التصريح بأحد جزأيها ، نحو : إنه ضربت ، وإنه قامت ، وليس لهم به شاهد ؛
وهذا الضمير يسميه الكوفيون : ضمير المجهول ، لأن ذلك الشأن مجهول لكونه
__________________
(١) الآية ٩٦ سورة البقرة ،