ولقائل أن يمنع اختلافهما في الماهية ؛ قوله (١) : «لأن أحدهما مخرج من متعدد والآخر غير مخرج» ، قلنا : لا نسلم أن كون المتصل مخرجا : من أجزاء ماهيته ، بل حقيقة المستثنى ، متصلا كان أو منقطعا : هو المذكور بعد «إلّا» وأخواتها مخالفا لما قبلها نفيا واثباتا ؛
ثم نقول : كون المتصل داخلا في متعدد لفظا أو تقديرا : من شرطه لا من تمام ماهيته ، فعلى هذا : المنقطع داخل في هذا الحد ، كما في : جاءني القوم الا حمارا ، لمخالفة الحمار القوم في المجيئ ؛
قوله : «من متعدد» ، أي من شيء ذي عدد ؛ قوله : «لفظا أو تقديرا» ، تفصيل للمتعدد ، فإنه قد يكون ملفوظا به نحو : جاءني القوم إلا زيدا ، وقد يكون مقدرا نحو : ما جاءني إلا زيد ، أي : ما جاءني أحد إلا زيد ؛
قوله : «بإلّا وأخواتها» ، ليخرج نحو : جاءني القوم لا زيد ، وما جاءني القوم لكن زيد ، وجاءني القوم ولم يجيئ زيد ؛
فالمستثنى الذي لم يكن داخلا في المتعدد الأوّل قبل الاستثناء : منقطع سواء كان من جنس المتعدد كقولك : جاءني القوم إلا زيدا ، مشيرا إلى جماعة خالية من زيد ؛ أو لم يكن ، نحو : جاءني القوم إلا حمارا ؛ فقد تبيّن أن المتصل ليس هو المستثنى من الجنس ، كما ظنّ بعضهم ؛
ثم إن الاستثناء مشكل باعتبار معقوليته (٢) ، لأن زيدا في قولك جاءني القوم إلا زيدا ، او قلنا انه غير داخل في القوم ، فهو خلاف الإجماع ، لأنهم أطبقوا على أن الاستثناء المتصل مخرج ، ولا إخراج إلا بعد الدخول ، فإن جاز الشك في مثله (٣) ، لم يصح في نحو
__________________
(١) هذا بيان لمنعه اختلاف الماهيتين ،
(٢) أي باعتبار كونه معقولا أي كيفية تصور العقل له ،
(٣) أي في مثل جاء القوم إلا زيدا ؛