اجماعهم على أن الاستثناء مخرج ، يبطله ؛
هذا ، ويلزم مثل ما فرّوا منه في بدل البعض ، وبدل الاشتمال ، كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (١) ، لأن الناس جنس يعمّ المستطيعين وغيرهم ، فيكون كأنه قال : ولله على جميع الناس : مستطيعهم وغير مستطيعهم ، بل لله على مستطيعهم وحده ؛
وقال آخرون ، وهو الصحيح المندفع عنه الإشكالات كلها : ما فرّوا منه ، وما لزمهم : ان المستثنى داخل في المستثنى منه ، والباقي بعد بدل البعض داخل في المبدل منه ، والتناقض بمجيئ زيد وانتفاء مجيئه في : جاءني القوم إلا زيدا : غير لازم ، وإنما يلزم ذلك ، لو كان المجيئ منسوبا إلى القوم فقط (٢) وليس كذلك ، بل هو منسوب إلى القوم مع قولك «إلا زيدا» ، كما أن نسبة الفعل في نحو : جاءني غلام زيد ، ورأيت غلاما ظريفا : إلى الجزأين ، لكنه جرت العادة بأنه إذا كان الفعل منسوبا إلى شيء ذي جزأين أو أجزاء ، قابل كل واحد منهما للاعراب : أعرب الجزء الأول منهما بما يستحقه المفرد إذا وقع منسوبا إليه في مثل ذلك الموقع ، وما بقي من أجزاء المنسوب إليه ، يجرّ إن استحق الجر ، كالمضاف إليه ، ويتبع إن استحق التبعيّة ، كما في التوابع الخمسة ، وإن لم يستحق شيئا من ذلك ، نصب ، كالمستثنى تشبيها بالمفعول ، في مجيئه بعد المرفوع وإن كان جزء العمدة في بعض المواضع ، نحو : ما جاءني القوم إلا زيدا ، لأن المجموع هو المسند إليه ؛
فزبدة الكلام : أن دخول المستثنى في جنس المستثنى منه ثم إخراجه بالّا وأخواتها : إنما كان قبل إسناد الفعل أو شبهه إليه ، فلا يلزم التناقض في نحو : جاءني القوم إلا زيدا ، لأنه بمنزلة قولك : القوم المخرج منهم زيد ، جاءوني ، ولا (٣) في نحو : له عليّ عشرة إلا درهما ، لأنه بمنزلة قولك : العشرة المخرج منها واحد ، له عليّ ، وذلك لأن المنسوب إليه
__________________
(١) الآية ٩٧ سورة آل عمران ،
(٢) أي منظورا فيه إلى عمومه وشموله لزيد
(٣) أي ولا يلزم التناقض في هذا أيضا ،