ورأيت زيدا راكبا. لفظ فيه دلالة على كونه هيئة الفاعل ، أو المفعول ، حتى لو قلت : رجل قائما أخوك ، لم يجز ، لعدم الفاعلية ، أو المفعولية في «رجل» (١)
أقول : لقائل أن يمنع أن المحدود يلزم أن يدلّ على كل ما يذكر في حدّه ، بل يكفي أن يكون فيه ما يذكر في حدّه ؛ وبعد التسليم ، فليس في هذا الحدّ تحقيق معنى الحال ، وبيان ماهيّته ، لأنه ربما يتوهّم أنه موضوع لبيان هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا ، لا في حالة الفعل ، فيظنّ في : جاءني زيد راكبا ، أن «راكبا» هيئة لهذا الفاعل مطلقا لا في حال المجيىء ، فيكون غلطا.
ويخرج عن هذا الحدّ : الحال التي هي جملة ، بعد عامل ليس معه ذو حال كقوله :
١٧٦ ـ يقول وقد ترّ الوظيف وساقها |
|
ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد (٢) |
وقوله :
١٧٧ ـ وقد أغتدي والطير في وكناتها |
|
بمنجرد قيد الأوابد هيكل (٣) |
ويخرج أيضا : الحال عن المضاف إليه ، إذا لم يكن المضاف عاملا في الحال ، وإن كان ذلك قليلا ، كقوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)(٤) ، وقوله تعالى : (دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)(٥) ، وقول الشاعر :
__________________
(١) هذه نهاية كلام ابن الحاجب الذي نقله الرضي ، وقوله بعد ذلك : أقول : مناقشة منه لابن الحاجب فيما قاله في شرحه ؛ وكلام ابن الحاجب هنا يستحق المناقشة حقا ؛
(٢) من معلقة طرفة بن العبد ، وهو في هذا البيت وما يتصل به يتحدث عما فعله من عقر ناقة لضيف نزل به ، وهي من كرام الإبل ، قيل أنها ناقة أبيه ، وقيل إنها ناقة ضيفه الذي نزل به وقوله : قد أتيت بمؤيد ، أي بشيء عظيم خطير ، ومؤيد إما بصيغة اسم الفاعل أو بصيغة اسم المفعول ،
(٣) هذا البيت من معلقة امرئ القيس المشهورة من الجزء الذي يصف فيه فرسه بالسرعة ، وقوله : قيد الأوابد ، أي مقيّدها ، يعني أنه لسرعته يدرك الوحوش فلا تفلت منه ، فكأنه يقيّدها في مكانها حتى يلحقها ؛
(٤) الآية ١٣٥ سورة البقرة ،
(٥) الآية ٦٦ سورة الحجر ؛