أراد «أم حمزة» والشواهد على هذا كثيرة جدا ، فدل على جوازه. ولأن المضاف [١٥٤] والمضاف إليه بمنزلة الشيء الواحد ، فجاز ترخيمه كالمفرد.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن ترخيم المضاف غير جائز أنه لم توجد فيه شروط الترخيم ، وهي : أن يكون الاسم منادى ، مفردا ، معرفة ، زائدا على ثلاثة أحرف. والدليل على اعتبار هذه الشروط : أما شرط كونه منادى فظاهر ؛ لأنهم لا يرخمون في غير النداء إلا في ضرورة الشعر ، ألا ترى أنهم لا يقولون في حالة الاختيار في غير النداء «قام عام» في عامر ، ولا «ذهب مال» في مالك ، فدل على أنه شرط معتبر. وأما شرط كونه مفردا فظاهر أيضا ؛ لأن النداء يؤثر فيه البناء ، ويغيره عما كان عليه قبل النداء ، ألا ترى أنه كان معربا فصار مبنيّا؟ فلما غيّره النداء عما كان عليه من الإعراب قبل النداء جاز فيه الترخيم ؛ لأنه تغيير ، والتغيير يؤنس بالتغيير ؛ فأما ما كان مضافا فإن النداء لم يؤثر فيه البناء ولم يغيره عما كان عليه قبل النداء ؛ ألا ترى أنه معرب بعد النداء كما هو معرب قبل النداء؟ وإذا كان الترخيم إنما سوّغه تغيير النداء ، والنداء لم يغير المضاف ؛ فوجب أن لا يدخله الترخيم ؛ فصار هذا بمنزلة حذف الياء في النسب من باب فعيلة وفعيلة كقولهم في النسب إلى جهينة «جهني» وإلى ربيعة «ربعي» وإثباتها في باب فعيل وفعيل كقولهم في النسب إلى قشير «قشيري» وإلى جرير «جريريّ» فإن الياء إنما حذفت من باب فعيلة وفعيلة دون باب فعيل وفعيل لأن النسب أثر فيه وغيّره بحذف تاء التأنيث منه ، والتغيير يؤنس بالتغيير ، بخلاف باب فعيل وفعيل ؛ فإن النسب لم يؤثر فيه تغييرا ، فلم يحذف منه الياء ، فأما قولهم في النسب إلى قريش «قرشي» وإلى هذيل «هذليّ» وإلى ثقيف «ثقفيّ» ـ بحذف الياء في إحدى اللغتين ـ فهو من الشاذ الذي لا يقاس عليه ، واللغة الفصيحة إثبات الياء ، وهي أن تقول : قرشيّ ، وهذيلي ، وثقيفيّ ، وهو القياس. قال الشاعر :
[٢٢١] بكلّ قريشيّ عليه مهابة |
|
سريع إلى داعي النّدى والتكرّم |
______________________________________________________
والوجه الثاني : أن يحذفوا آخر المضاف لأنه هو المنادى عند التحقيق ، مثل قول الشاعر :
* يا علقم الخير قد طالت إقامتنا» *
أراد «يا علقمة الخير» فرخّمه بحذف التاء من المضاف إذ كان هو المنادى.
والوجه الثالث : أن يحذفوا المضاف إليه كله ، ومن ذلك قول عدي بن زيد :
يا عبد هل تذكرني ساعة |
|
في موكب أو رائدا للقنيص؟ |
أراد أن يقول «يا عبد هند» لأنه ينادي عبد هند اللخمي ، فحذف المضاف إليه بتة.
[٢٢١] هذا البيت من شواهد سيبويه (٢ / ٧٠) ولم يعزه ولاعزاه الأعلم في شرح شواهده ، وهو