يوم الخميس ١٧ شعبان فمشى على التوابي التي أمامه بما عنده من عساكر في جهته وأعمل في عدوه السيف وأبدى بسالة لا مثيل لها ، ولكنه جاءته رصاصة من العدو أردته قتيلا. فنقلوه إلى خيمة. توفي ولم يتيسر له أن يشاهد الفتح.
ومحمد باشا الطيار هو ابن مصطفى باشا المعروف بصارقچي والي بغداد الأسبق. كان توفي والده ودفن في مقبرة الإمام الأعظم. ولذا دفن محمد باشا أيضا عند قدم والده ، وكان محمد باشا قبل أن ينال الوزارة واليا على الموصل ...
ولما اطلع السلطان على هذا الحادث قال : آه طيار! أنت لا تقدر بمائة مدينة مثل بغداد. عفا الله عنك وأغدق عليك الرحمة والرضوان!
الدوام في أمر الفتح ـ وكالة الصدارة العظمى :
وحينئذ أنعم بختم الوكالة العظمى على مصطفى باشا القپودان وقال له :
ـ أراك أراك! سيتم الفتح بعونه تعالى على يدك. أطلب منك الخدمة والمفاداة ليكن الله تعالى في عونك!
قال له ذلك ودعا له بالخير. وحينئذ قبل أقدام السلطان وقال أتمنى أن يتوجه قلب السلطان نحوي وأرجو منه الأدعية الخيرية. قال ذلك وبكى فخرج من الأوطاغ الهمايوني وذهب توا إلى متاريس الوزير. وهذا ولد روحا جديدا ونشاطا في الجيش. وبادروا كالأول في القتال. سارعوا في الحرب.
إن الصدر الأعظم الجديد تقدم بمن معه من جميع الأغوات واللوند والحرس الملكي ومشوا على عدوهم بعساكر فهاجموا بهجوم عام فبذلوا نفوسهم قائلين إن الموت إنما يكون في مثل هذا اليوم. وإن كتخدا الوزير رضوان آغا مع جماعة من أغوات البلاط وغيرهم سقطوا.