وأما العجم فقد هلك منهم خلق لا يحصى فاكتسحت التوابي القريبة من السور بتمامها وامتلأت بالعساكر. فلم يستطع الإيرانيون الاحتفاظ بها.
وفي اليوم التالي سحرا سل العثمانيون سيوفهم وتقدموا نحو العجم. وهناك قطع العجم آمالهم من النجاة. حاربوا حرب المستميت.
وفي اليوم الأربعين من أيام المحاصرة في ١٨ شعبان (١) يوم الجمعة صاح العجم الأمان الأمان وعلقوا آمالهم بعفو السلطان.
بكتاش خان والي بغداد
في حضرة السلطان
وفي هذه الأثناء ظهر إليهم أحد الأعجام قال : الخان يرغب أن يسلم البلد أرسلوا واحدا منكم. فأرسل إليهم (چاووش باشي) (٢) طوراق آغا ومتصرف نيكده حسن باشا. فوصلا إلى بكتاش خان (حاكم بغداد) فأعلماه بأن من طلب الأمان من السلطان أعطاه كما هو دأب العثمانيين ومن رسمهم المعتاد القديم. وطمأنوا الحاكم وجاؤوا به إلى الوزير الأعظم. وبعد الملاقاة معه أحضر إلى السلطان فنبه بلزوم اجتماع العسكر وترتيب الديوان. وإن الوزير الأعظم بقي ثابت القدم في مقامه وإن الجيوش بين خيمة الوزير وأوطاغ السلطان صفت في الجانبين مثنى مثنى سواء السپاه أو السلحدارية (٣). وكانت العساكر مصطفة في الجانبين. لا يحصى عددها ...
__________________
(١) في نعيما أن الفتح كان يوم ثامن شعبان وهذا غير صحيح والصواب ما ذكره صاحب كلشن خلفا من أنه كان يوم ١٨ منه لأن السلطان ورد بغداد يوم ٨ رجب وطالت المحاصرة أربعين يوما فبلغت ما ذكره صاحب كلشن ...
(٢) جاووش باشي. من ضباط الينكجرية. وله لباس خاص. (تشكيلات وقيافت عسكرية) ص ٥٢.
(٣) السلحدارية جند الحرس الملكي الخيالة.