سارت على النهج الشرعي ، وبالوجه المبين في كتب الحسبة ، ولم تفترق عما هنالك ، ولكنها في الأيام الأخيرة طرأ عليها ما طرأ من تبديل ، وما عرض من تعديل وتحويل مما سنتناوله في مباحث أخرى (١).
علاقة إيران بالعراق
في هذا العهد
إن الشرق الأدنى كانت تتنازعه الحكومة الصفوية والدولة العثمانية وابتدأت بينهما المقارعات بحروب ودعايات شديدة لا سيما في العراق. ففي سنة ٩١٤ ه ـ ١٥٠٩ م دخل في حوزة إيران واستمر حكمها فيه إلى سنة ٩٤١ ه ـ ١٥٣٤ م تخلله بعض الاضطراب كثورة ذي الفقار. لم تثبت قدم الصفويين وخلص للعثمانيين. وطال النزاع على العراق وتداولته الأيدي إلى سنة ١٠٤٨ ه ـ ١٦٣٩ م أيام السلطان مراد الرابع ولعله العامل الوحيد في ضعف الحكومتين لما بذلتاه من الجهود فصار العراق تابعا للحكومة العثمانية ...
وخلال هذه المدة لم تتوضح السياسة الخارجية بوجه صريح وغاية ما يقال عن هذه الحكومات أنها مصروفة إلى التغلب وكل حكومة تحاول الانتصار على الأخرى بل القضاء عليها دون أن تتقيد بعهد أو ميثاق استفادة من ضعف إحداهما أو قوة الأخرى فلم تدعا وسيلة تتوسلان بها إلا فعلتاها ، واستخدمتا المذهب آلة قوية بدافع جذب معتنقيه فصارت الواحدة تكفر الأخرى وتستحل دماءها وأموالها وأعراضها كأنها بعيدة عن الإسلام أو غريبة عن الإنسانية ، والفتاوى تصدر تترى تهييجا لمنتحلي عقيدة كل ناحية ، والغرض الأصلي التغلب والظفر على المخالف المنازع ، والسعي للقضاء على أهل الحزبية
__________________
(١) في مجلة العالم الإسلامي البغدادية ذكرت مقالا في الحسبة وبيان المؤلفات فيها.