ومن غريب ما شاهد هناك وعجب منه أن البحرانيين يأخذون بأيديهم قربة صغيرة (جودا) ويغوصون إلى قعر البحر نحو ثمانية باعات أو أكثر وحينئذ يملأون ذلك الجود من ماء عذب يخرج من عين داخل البحر يعرفون موقعها ويأتون بالماء دائما إلى مراد رئيس فيشرب منه باردا في الصيف وهو ألطف كل المياه وأعذبها. قدم إلى سيدي علي رئيس منه رعاية له فأعجبه وانبهر من قدرة الباري ونهاية عظمته مما لم ير نظيره في البحار الأخرى ويقول الأهلون إن آية (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) وردت فيها حتى أن وجه التسمية بالبحرين كان هذا سببه. ثم رحل فوصل إلى جزيرة قيس أي جزيرة هرموز القديمة (١) وجزيرة برخته ، والبحر الأخضر. شاهد كثيرا من الجزائر هناك فلم يتمكن من الحصول على خبر فعبر هرموز (٢). وعند ذلك أذن (لشريف) وكان رافقه وسار معه من البصرة. كتب كتابا معه إلى مصطفى باشا يذكر فيه أنه عبر هرموز بصحة وسلامة ، وبعد ذلك سار من سواحل (جلفار) و (جادى) فمر بـ (كيمزار) و (ليمة). ثم وصل إلى قرب مدينة خورفكان وفي ١٠ رمضان بعد أربعين يوما من حركتهم جاءتهم على حين غرة أساطيل العدو وبينها
__________________
(١) لفظها ابن بطوطة (هرمز) وفيه بعض التوضيح في رحلته ج ١ ص ١٦٤ وما بعدها. بيّن الدكتور (مصطفى جواد) ان جزيرة قيس قديمة الاسم ومنهم من يسميها (كيش) كما في المعجم. وفيه أيضا هرمز أو هرموز عن لفظ آخر ، مدينة في البحر على بر فارس وهي فرضة كرمان ، ولا تزال جزيرة قيس معروفة بجزيرة كيشم مقابل بندر عباس ولعلها هي هرمز الأصلية في مضيق هرمز الحالي ، وأقول وردت هرمز في صبح الأعشى ج ٤ ص ٣٤٩ فأوضح عنها كثيرا.
(٢) أورد الدكتور داود الجلبي طريق البحارة إلى هرموز من سواحل العرب ومن سواحل العجم ومنها إلى سواحل العرب الجنوبية على بحر عمان حتى باب المندب ثم يمر في سواحل اليمن إلى جدة ، حتى يصل إلى السويس ومنها إلى سواحل مصر والحبشة حتى آخر سواحل إفريقيا. أو يسير من هرموز إلى سواحل الهند وفيها تفصيل أكثر وبيان لمواقع عديدة من عارف بها. نقلا من رسالة بحرية. (لغة العرب ج ٩ ص ٤٠٥ وما بعدها).