وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا استفتَح الصلاة قال : «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه».
قيل : يا رسول الله : ما هَمْزُه ونَفْخُه ونَفْثُه؟ قال : أما هَمزه فالمُوتَةُ ، وأما نَفثُه فالشِّعر ، وأما نفْخُه فالكِبْر».
وقال أبو عبيد : المُوتَةُ : الجنون ، وإنما سمَّاه هَمزاً ؛ لأنه جَعَله من النَّخْس والغَمز ، وكلُّ شيء دفعتَه فقد هَمزتَه.
وقال الليث : الهَمْز : العَصْر. تقول : هَمزتُ رأسَه ، وهَمزتُ الجَوْزَ بكفِّي ، وأنشد :
ومن هَمزِنا رَأسَه تَهَشَّما*
ابن الأنباريّ : قوسٌ هَمَزَى : شديدة الهَمْز ، إذا نُزع فيها. قال أبو النَّجم :
أَنْحَى شِمالاً هَمزَى نَضُوحاً |
وهتَفَى : مُعْطِيةً طرُوحاً |
قَوْسٌ هَتَفى : تهتِفُ بالوَتر.
قال وإنما سمّيت الهمْزة في الحروف لأنها تُهمَز فتُهَتُ فتنهمز عن مَخرَجها ، يقال : هو يَهُتُّ هتّاً : إذا تكلم بالهَمْز.
قلت : وهمزُ القناةِ : ضَغْطُها بالمَهامِز إذا ثُقِّفتْ.
قال شمر : والمَهامِز : عِصِيٌّ واحدتها مِهْمزَة وهي عصاً في رأسها حديدةٌ يُنْحَس بها الحمار. وقال الأخطل :
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخطوب أذلّةٌ |
دُنُسُ الثِّياب قَناتُهُم لم تُضْرَسِ |
|
بالهَمْز من طول الثِّقاف وجارُهُم |
يُعطِي الظُّلامةَ في الخطوب الحُوَّسِ |
وقال الشماخ في المَهامِز التي يُنْخَسُ بها الشَّمُوسُ من الخَيل :
أقام الثِّقافُ والطَّريدةُ دَرْأَها |
كما أخرَجَتْ ضِغْنَ الشَّمُوسِ المهامِز |
ورَوَى شَهْرُ بنُ حَوْشَبِ ، عن ابن عبّاس في قول الله : (وَيْلٌ لِكُلِ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهُمَزة : ١].
قال : هو المَشّاءُ بالنَّميمة ، المُفَرِّق بين الجماعة المُغْرِي بين الأحِبَّة.
المنذري ، عن أبي الهيثم قال : المَهامِز : مَقارعُ النّخّاسين التي يهمزون بها الدوابَّ لتُسْرِع ، واحدتها مِهْمَزة ، وهي المِقْرَعة.
زهم : قال الليث : الزُّهومة : ريحُ لحمٍ مُتَن.
ولحمٌ زَهِم. ووجَدْتُ منه زُهومَة : أي تغيُّراً.
قلت : الزُّهُومة في اللحم : كراهة طبعيَّة في رائحته التي خُلِقَتْ عليها بلا تغيّر وإنتان ، وذلك مثلُ رائحة اللحم الغثّ ، أو رائحة لحم السِّباع ، وكذلك السَّمك السَّهِك البَحْريّ ، وأما سَمَك الأنهار العَذْبة الجارية فلا زُهومَةَ لها.
وفي «النوادر» يقال : زَهِمْتُ زُهْمَةً ، وخَضِمْتُ خُضْمةً ، وغَذِمتُ غُذمةً بمعنى لَقِمْتُ لُقْمةً. وقال :
تَمَلَّىء من ذلك الصَّفيحِ |
ثمّ ازهَمِيه زُهْمَةً فَرُوحي |
قلت : ورواه ابن السكّيت :
ألا ازحَمِيه زُحمةً فرُوحِي*
عاقَبَت الحاءُ الهاءَ.