قَفَوْتُ ، كما تقول : لا تَدْعُ مِنْ دعوْتُ.
قال : وقرأ بعضهم : (لا تَقُفْ) مِثل ولا تَقُل. والعرب تقول : قُفْتُ أثرَه وقَفَوْتُه ، مِثل قاعَ الجملُ الناقةَ وقَعَاها : إذا ركبها ليَضربها. ومِثله عاثَ وعَثَا.
ثعلب عن ابن الأعرابي : يُقالُ : قَفَوْتُ فلاناً : اتّبعتُ أَثَرَه ، وقَفْوَتُه : رَمَيْتُه بأمر قبيح. وله عندي قَفِيّةٌ ومَزِيّةٌ : إذا كانت له منزِلة ليست لِغيره. ويقال : أقْفَيتُه ولا يقال أمْزَيْتُه.
ومن أمثالهم : «رُبَّ سامِعٍ عِذْرَتي ، لم يَسمَع قِفْوَتي» ؛ والقِفْوة : الذَّنْب. يقول : ربَّما اعتذرتُ إلى رجلٍ من شيء قد كان منّي إلى مَن لم يبلْغه ذَنْبي. يُضرَبُ مَثَلاً لمن لا يحفَظ سِرّه.
أخبرني بذلك كله عن المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي.
وقال الأخفش في قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [الإسراء : ٣٦] ، أي : لا تتَّبع ما لا تَعلم.
قال : والقَفْو : القَذْف. قال : والقَوْفُ مثل القَفْو. وأنشد :
أَعُوذُ بالله الجليلِ الأعظَمِ |
مِن قَوفيَ الشيءَ الذي لم أعلَمِ |
وأخبرني المنذري عن المبرّد ، أنّ أبا عمر الجرميّ حَدَّثَه عن كَهمَس عن سعيد عن قتادة في قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) قال : لا تقل سمعتُ ولم تَسمَع ، ولا رأيتُ ولم تَرَ ، ولا علمتُ ولم تَعلَم ، و (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً).
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : هو يَقْفو ويقُوفُ ويَقتاف ، أي : يتّبع الأَثَرَ.
وقال الليث : القَفَا : مؤخَّر العُنُق ، أَلِفُها واواً. قال : والعَرب تؤنّثها ، والتذكير أعمّ ؛ يقال : ثلاثة أقفاء ، ومَن قال : أقفيَة فإِنّ جماعَه القِفِيّ والقُفِيّ.
ويقال للشيخ إذا هَرِم : رُدَّ على قَفاً. وقال الشاعر :
إنْ تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أو تَرُدَّ قَفاً |
لا أَبكِ منكَ على دِينٍ ولا حَسَبِ |
وقال أبو حاتم : جمعُ القَفا أَقْفاء ، ومَن قال : أقفِيَة فقد أخطأ.
قال : وسمعْنا في أدنى العَدد ثلاثة أقْفٍ.
والقَفا مؤنّثة. قال : ومِن العرب مَن يذكِّر القَفَا.
وقال ابن السكيت : القَفا مذكَّر ، وقد تؤنَّث. وأنشد :
وما المَولَى وإنْ عَرُضتْ قَفاهُ |
بأحمَلَ للمَحامِدِ مِن حِمارِ |
وقال الليث : تقفَّيْتُ فلاناً بعَصاً فضربتُه ، واستَقْفَيته كذلك إذا جئته من خَلْفُ.
قال : وسمّيت قافية الشِعْر قافِية لأنها تَقْفو البَيْت.