وفي حديث مرفوع : على قافية رأس أحدِكم ثلاث عُقَد ، فإِذا قام من الليل وتوضأَ انحلَّت عُقْدَةٌ.
وقال أبو عبيد : يَعني بالقافية القفا.
ويقولون : القَفَنُّ في موضع القَفا.
وقال أبو عبيد : هي قافية الرأس. وقافية كلِّ شيء آخره ؛ ومنه قافية بيت الشعر.
وقال غيره : العرب تسمِّي البيت من الشعر قافية ، وربَّما سمَّوا القصيدة بكمالها قافيةً.
ويقول الرجُل منهم : رَوَيْتُ لفلان كذا وكذا قافيةً. وقالت خَنْساء :
وقافيَةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا |
نِ تَبقَى ويَهلِكُ مَن قالَها |
ويقال : قفّيْتُ الشِعْر تقفِيةً ، أي : جعلتُ له قافيَةً. وقال الله جل وعز : (ثُمَ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا) [الحديد : ٢٧] ، أي : أَتْبعنا نوحاً وإبراهيمَ رُسُلاً بعدَهم. وقال امرؤ القيس :
وقَفَّى على آثارهنَّ بحاصِبِ
أي : أتْبع آثارَهنَّ حاصباً. وقال ابن مقبل : قَفَّى بمعنى أتَى :
كم دُونها مِن فَلاةٍ ذات مطّرَدٍ |
قَفَّى عليها سَرابٌ سارِبٌ جارِي |
أي : أتَى عليها وغَشِيَها.
ثعلب عن ابن الأعرابي : قَفَّى عليه : ذهَبَ به. وأنشد :
ومأرِبُ قَفّى عليه العَرِمْ
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «لي خمسةُ أسماء ، منها كذا وكذا ، وأنا المُقَفِّي.
وفي حديث آخر : «وأنا العاقب».
حدثنا ابن منيع قال : حدثنا علي بن الجعد عن حماد بن سلمة عن جعفر بن أوس عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أنا محمد ، وأحمد ، والمقفّى ، والحاشر ، ونبيّ الرحمة ، ونبيّ الملحمة».
قال شمر : المقَفِّي نحو العاقب ، وهو المولِّي الذاهب ؛ يقال : قَفّى عليه ، أي : ذَهَب به ، فكأنَّ المعنى أنّه آخر الأنبياء ، فإِذا قَفّى فلا نبيَّ بعدَه قال : والمُقَفِّي : المتَّبع للنبيِّين.
وقال ابن أحمر :
لا تقتفي بهم الشمالُ إِذا |
هبّت ولا آفاقُها الغُبر |
أي : لا تقيمَ الشمال عليهم ، يريد تجاوزهم إلى غيرهم ولا تستبين عليهم لخصبهم وكثرة خيرهم. مثله قوله :
إذا نزل الشتاءُ بدار قوم |
تجنّبَ دارَ بيتهم الشتاءُ |
أي : لا يظهر لجارهم أَثر الشتاء.
قال شمر في تفسير بيت ابن أحمر.
قال أبو عبيد الله : معنى قوله : لا تقتفي بهم الشمال ، أَي : لا تتخذهم قفوة فتطمع