(أبو عبيد عن أبي عمرو) : ليلةٌ ساكِرَةٌ : لا ريح فيها. قال أوسٌ :
خذَلْتُ على ليلةٍ ساهرهْ |
فليسَتْ بِطلْق ولا ساكِرَهْ |
(أبو زيد) : الماءُ الساكِرُ : الساكِنُ الذي لا يجري ، وقد سكَرَ سكُوراً.
وقال الله جل وعز : وترى النّاس سَكرى وما هم بسَكرى [الحج : ٢] وقرئ (سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى).
التفسير : إِنكَ تَرَاهم سُكَارَى من العذاب والخرفِ وما هم بسُكَارَى من الشَّرابِ ، يدلُّ عليه قوله : (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) ولم يقرأْ أحدٌ من القُرّاءِ سَكَارَى بفتح السِّينِ ، وهي لُغةٌ ، ولا يجوزُ القراءةُ بها لأنّ القراءة سُنةٌ.
وقال أبو الهيثم : النعْتُ الذي على فَعْلانَ يُجمَعُ على فُعَالَى وفَعالى مثل أَشرانَ وأُشارَى وأَشارَى ، وغيرانَ وقومٌ غُيارَى وغَيارى ، وإنما قالوا سَكْرَى وفَعْلَى أَكثرُ ما تجيءُ جَمعاً لفعيلٍ بمعنى مفعولٍ مثل قتيلٍ وقَتْلى وجريحٍ وجرحى وصريعٍ وصرعَى لأنه شُبه بالنّوْكَى والحمقى والهلكى لزوَال عقل السكْرَانِ ، وأَما النَّشوانُ : فلا يقالُ في جمعِه غير النَّشَاوَى.
وقال الفراء : ولو قيل : سكْرَى على أنّ الجمعَ يقع عليه التّأْنيثُ فيكون كالواحدَة كان وجهاً. وأنشدني بعضهم :
أضحَتْ بنُو عامرٍ غَضْبَى أُنوفهُمُ |
إني عفَوْتُ فلا عارٌ ولا باسُ |
وقال الله جلّ وعزّ : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) [النحل : ٦٧].
قال الفراءُ يقال : إِنه الخمرُ قبلَ أن تحرَم ، والرِّزقُ الحسنُ : الزّبيبُ والتمر ، وما أَشبههمَا.
وقال أبو عبيد : السَّكَرُ : نقيعُ التمر الذي لم تمسهُ النارُ وكان إبراهيمُ والشعبيُّ وأبو رَزِين يقولون : السَّكَر : خَمْرٌ.
وروي عن ابن عمر أنه قال : السكَرُ من التمرِ.
وقال أبو عبيدة وحدَه : السكَرُ : الطعامُ ، واحتج بقول الآخر : جعلتَ أَعْرَاضَ الكِرَامِ سكَرا أي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك.
وقال الزّجاجُ : هذا بالخمر أشبهُ منه بالطعام ، المعنى جعلتَ تتخمَّرُ بأَعراض الناسِ وهوَ أبينُ ما يقال للذِي يَبتَرِكُ في أَعراض الناس.
وحدثنا محمد بن إسحاق عن المخزومي عن سفيانَ عن الأسود بن قيس عن عمرو بن سفيان عن ابن عباس في قوله : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) [النحل : ٦٧] قال : السَّكَرُ : ما حرِّم من ثمرتها ، والرِّزقُ الحسنُ : ما أُحِلّ من ثمرتها.