يعطيها على مشقة من النْفسِ ، وعلى طِيْبٍ منها.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي في قوله : إلا مَنْ أعطى في رِسْلِهَا أي بطيب نفس منه.
(قلت) : كأن قوله : في نَجْدَتِهَا معناه : ألَّا تطيب نفسُه بإعطائها ، ويشتدَّ عليه.
وقول ابن الأعرابي يقرب من قول أبي عبيدة.
وقال المرَّار يصف الإبل :
لهم إبل لا من دِيَاتٍ ولم تكن |
مُهُوراً ولا من مَكْسَبٍ غير طائل |
|
مُخَيَّسَةٌ في كل رِسْلٍ ونجدة |
وقد عُرِفَت ألوانها في المَعَاقِلِ |
(أبو عمرٍو): الرِّسْلِ : الخِصْبُ ، والنجدة : الشِّدة ، والمخيَّسة هي المعقَّلة في معاقلها لتُنحَر وتُطعم.
وقال أبو سعيد الضرير في قوله : إلا مَن أعطى في نَجْدَتِها ورِسْلِها.
قال : نَجْدَتُها : ما ينوب أهلها مما يُشَقُّ عليه من المَغَارِمِ والدِّيَات ، فهذه نَجْدَةٌ على صاحبها ، والرِّسْلُ : ما دون ذلك من النجدَةِ ، وهو أن يُفقِرَ هذا ، ويَمْنَحَ هذا ، وما أَشْبَهَهُ دون النَّجدة ، وأنشد قول طرفة يصف جارية :
تَحْسِبُ الطَّرفَ عليها نَجْدَةً |
يا لقَوْمِيْ للشباب المُسْبَكِرّ |
قال : الطرف : النظر ، يقول : يَشُقُّ عليها النظر وهي ساجية الطرف.
حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجُرجَاني عن يزيد بن هارون عن شعبة عن قتادة عن أبي عمر الغُدَانيِّ عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من صَاحبِ إبل لا يؤدي حَقَّها في نَجْدَتِها ورِسْلِهَا» قال وقد قال رسول الله : «نَجْدَتُهَا ورِسْلُهَا» : عُسرها ويُسرها ـ «إلا بَرَزَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ تطؤه بأخفافها ، كلما جازت عليه أخراها أُعيدت عليه أولاها (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) حتى يُقضى بين الناس». فقيل لأبي هريرة فما حق الإبل؟. قال : تُعطي الكريمة ، وتمنح الغزيرة ، وتُفقِر الظهر ، وتُطرِق الفحل».
(قلت) : ورَوَيتُ هذا الحديث بإسناده لتفسير النبي صلىاللهعليهوسلم النَّجْدَةَ والرِّسْلَ ، وهو قريب مما فسَّره أبو سعيد ، والله أعلم.
وفي حديث آخر : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى امرأة تطوف بالبيت عليها مَنَاجِدُ من ذهب فقال : أَيَسُرُّكِ أن يحلِّيَكِ الله مَنَاجِدَ من نار؟ قالت : لا ، قال فأدِّي زكاته».
قال أبو عبيد : أُراه أراد بالمناجد الحلي المكلَّل بالفصوص ، وأصله من تنجيد البيت.
وقال أبو سعيد : المَنَاجِدُ : واحدها :