أَبا عمرو وابنَ عَامرٍ ويْعقُوبَ الحَضْرَمِيَّ قَرَأُوا : (وَلَا تُمَسِّكُوا) بتَشْديد السين خففها البَاقُونَ ومعنى قوله : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) [الأعراف : ١٧٠] أي يؤمنون به ويحكمونَ بما فيه.
وقال أبو زيد : مسَّكتُ بالنَّار تمسيكاً ، وثقَّبْتُ بهَا تثقيباً ، وذلك إِذا فحصت لها في الأرض ثم جَعلتَ عَليها بعْراً أَو خشباً أو دفنتها في التراب.
وقال ابن شميل : المَسَكُ : الواحدةُ : مَسَكةٌ ، وهو أَن يحفِرَ البئر في الأرض فيبلغ الموضعَ ، الذي لا يحتاجُ إِلى أَنْ يطوى فيقالُ : قد بلُغوا مَسَكةً صُلْبةً ، وإنَّ بِئَارَ بني فُلَانٍ في مَسَكٍ ، وأنشد :
اللهُ أَرْوَاكَ وعَبْد الجَبَّارْ |
ترسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المنقارْ |
في مَسَك لا مُجْبِلٍ وَلَا هَارْ
والعربُ تقول : فلان حَسَكَةٌ مَسَكَةٌ أي شُجَاعٌ كأَنهُ حَسَكٌ في حَلْق عَدوِّه ، ووصف بعضهم بَلحَارثِ بن كَعْبٍ فقال : حَسَكٌ أَمْراسٌ ومَسَكٌ أَحَمَاسٌ ، تَتَلظِّى المنايَا في رِماحهم ، وأما المَسَكةُ والمسيكُ فالرجلُ البخيلُ ، قال ذلك ابن السكِّيت ، وفلان لا مُسْكَة له أي لا عقل له ، وما بفلان مُسكة أي ما به قوة ولا عقلٌ.
ويقال : بيننا مَاسكةُ رَحِم ، كقولك : ماسّةُ رحم ، وواشِجَة رحمٍ.
قال أبو عبيدة : الماسكةُ : الجلدةُ التي تكون على رأْس الولد وعلى أطراف يديه فإذا خرج الولد من الماسكة والسَّلَى فهو بقيرٌ ، وإذا خرج الولد بلا ماسكة ولا سَلًى فهو السليل.
والمُسْكان : العُرْبَانُ ، ويجمع مساكين ، يقال : أعطه المسكان.
وقال ابن شميل : الأرضُ : مَسَكٌ وطرائقُ ، فمسكةٌ كَذَّانَهٌ ، ومسكةٌ مُشاشةٌ ، ومَسكةٌ حجارةٌ ، ومُسكةٌ لينةٌ ، وإنما الأرضُ طرائقُ ، فكلُّ طريقة : مسكةٌ.
وقال أبو عبيدة : إِذا كان الفرسُ محجَّل اليد والرِّجل من الشقِّ الأيمن. قالوا : هو مُمْسَك الأيامنِ مطلقُ الأياسر ، وهم يكرهونه ، فإذا كان ذلك من الشِّقِّ الأيسر قالوا : هو مُمسكُ الأياسرِ مطلق الأيامن ، وهم يستحبُّون ذلك.
قال : وكلُّ قائمةٍ بها بياضٌ فهي مُمسَكةٌ ، والمطلقُ : كلُّ قائمةٍ ليس بها وضَحٌ.
قال : وقوْمٌ يجعلونَ البياض إِطلاقاً ، والذي لا بياض فيه إمْساكاً. وأنشد :
وَجَانبٌ أُطْلِقَ بالبياضِ |
وَجَانبٌ أُمْسِكَ لا بياضُ |
وفيه مِن الاختِلَاف عَلَى القلْبِ كمَا وصفتُ في الإمْساك ، وفي صفة النبيِّ صلىاللهعليهوسلم «أنه بادن متماسك» أراد أنه مع بدانته