حُرُمٌ) قيل فيه ثلاثة أوجه كلها محتمل أحدها محرمون بحج أو عمرة والثاني دخول الحرم يقال أحرم الرجل إذا دخل الحرم كما يقال أنجد إذ أتى نجدا وأعرق إذا أتى العراق وأتهم إذا أتى تهامة والثالث الدخول في الشهر الحرام كما قال الشاعر :
قتل الخليفة محرما
يعنى في الشهر الحرام وهو يريد عثمان بن عفان رضى الله عنه ولا خلاف أن الوجه الثالث غير مراد بهذه الآية وأن الشهر الحرام لا يحظر الصيد والوجهان الأولان مرادان وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم النهى عن صيد الحرم للحلال والمحرم فدل أنه مراد بالآية لأنه متى ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حكم ينتظمه لفظ القرآن فالواجب أن يحكم بأنه صدر عن الكتاب غير مبتدأ* وقوله عز وجل (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) يقتضى عمومه صيد البر والبحر لو لا ما خصه بقوله (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ) فثبت أن المراد بقوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) صيد البر خاصة دون صيد البحر وقد دل قوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أن كل ما يقتله المحرم من الصيد فهو غير ذكى لأن الله تعالى سماه قتلا والمقتول لا يجوز أكله وإنما يجوز أكل المذبوح على شرائط الذكاة وما ذكى من الحيوان لا يسمى مقتولا لأن كونه مقتولا يفيد أنه غير مذكى وكذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم خمس يقتلهن المحرم في الحل والحرم قد دل على أن هذه الخمسة ليست مما يؤكل لأنه مقتول غير مذكى ولو كان مذكى كانت إفاتة روحه لا تكون قتلا ولم يكن يسمى بذلك وكذلك قال أصحابنا فيمن قال لله على ذبح شاة أن عليه أن يذبح ولو قال لله على قتل شاة لم يلزمه شيء وكذلك قال أصحابنا فيمن قال لله على ذبح ولدي أو نحره فعليه شاة ولو قال لله على قتل ولدي لم يلزمه شيء لأن اسم الذبح متعلق بحكم الشرع في الإباحة والقربة وليس كذلك القتل وروى عن سعيد بن المسيب في قوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) قال قتله حرام في هذه الآية وأكله حرام في هذه الآية يعنى أكل ما قتله المحرم منه وروى أشعث عن الحسن قال كل صيد يجب فيه الجزاء فذلك الصيد ميتة لا يحل أكله وروى عنه يونس أيضا أنه لا يؤكل وروى حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن في الصيد يذبحه المحرم قال يأكله الحلال وعن عطاء إذا أصاب المحرم الصيد لا يأكله الحلال وقال الحكم وعمرو بن دينار يأكله الحلال وهو قول سفيان وقد ذكرنا