واحدة والدية إنما دخلت في اللفظ حسب دخول الرقبة قيل له الذي يقتضيه حقيقة اللفظ وعمومه إيجاب ديات بعدد القاتلين وإنما اقتصر فيه على دية واحدة بالإجماع وإلا فالظاهر يقتضيه ألا ترى أنهما لو قتلاه عمدا كان كل واحد منهما كأنه قاتل له على حياله ويقتلان جميعا به ألا ترى أن كل واحد من القاتلين لا يرث وأنه لو كان بمنزلة من قتل بعضه لوجب أن لا يحرم الميراث مما قتله منه غيره فلما اتفق الجميع على أنهما جميعا لا يرثان وأن كل واحد منهما كأنه قاتل له وحده كذلك في إيجاب الكفارة إذ كانت النفس لا تتبعض وكذلك قاتلوا الصيد كل واحد كأنه متلف للصيد على حياله فتجب على كل واحد كفارة تامة ويدل عليه أن الله تعالى سمى ذلك كفارة بقوله (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) وجعل فيها صوما فأشبهت كفارة القتل فإن قال قائل لما قال الله تعالى (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ) دل على أن الجزاء إنما هو جزاء واحد ولم يفرق بين أن يكونوا جماعة أو واحدا وأنت تقول يجب عليهم جزاءان وثلاثة وأكثر من ذلك قيل له هذا الجزاء ينصرف إلى كل واحد منهم ونحن لا نقول إنه يجب على كل واحد منهم جزاءان وثلاثة وإنما يجب عليه جزاء واحد والذي يدل على أنه منصرف إلى كل واحد قوله تعالى (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ) ولم يقل قتلوا فدل على أنه أراد واحد وقد بينا ذلك في كتاب شرح المناسك والخصم يحتج علينا بهذه الآية في القارن فإنه لا يجب عليه إلا جزاء واحد بظاهر الكتاب والجواب عن هذا أنه محرم عندنا بإحرامين على ما سنذكره في موضعه وإذا صح لنا ذلك ثم أدخل النقص عليهما وجب أن يخبرهما بدمين قال أبو بكر ولا خلاف بين الفقهاء أن الهدى لا يجزى إلا بمكة وأن بلوغه الكعبة أن يذبحه هناك في الحرم وأنه لو هلك بعد دخوله الحرم قبل أن يذبحه أن عليه هديا آخر غيره وقال أصحابنا إذا ذبحه في الحرم بعد بلوغ الكعبة فإن سرق بعد ذلك لم يكن عليه شيء لأن الصدقة تعينت فيه بالذبح فصار كمن قال لله على أن أتصدق بهذا اللحم فسرق فلا يلزمه شيء واتفق الفقهاء أيضا على جواز الصوم في غير مكة واختلفوا في الطعام فقال أصحابنا يجوز أن يتصدق به حيث شاء وقال الشافعى لا يجزى إلا أن يعطى مساكين مكة والدليل على جوازه حيث شاء قوله تعالى (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) وذلك عموم في سائرهم وغير جائز تخصيصه بمكان إلا بدلالة ومن قصره على مساكين مكة فقد خص