والبحر على المحرم وأيضا فإن الصيد اسم مصدر وهو اسم للاصطياد وإن كان قد يقع على المصيد ألا ترى أنك تقول صدت صيدا وإذا كان ذلك مصدرا كان اسما للاصطياد الذي هو فعل الصائد ولا دلالة فيه إذا أريد به ذلك على إباحة الأكل وإن كان قد يعبر به عن المصيد إلا أن ذلك مجاز لأنه تسمية للمفعول باسم الفعل وتسمية الشيء باسم غيره إنما هو استعارة ويدل على بطلان قول من أباح جميع حيوان الماء قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد فخص من الميتات هذين وفي ذلك دليل على أن المخصوص من جملة الميتات المحرمة بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) هو هذان دون غيرهما لأن ما عداهما قد شمله عموم التحريم بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) وقوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) وذلك عموم في ميتة البر والبحر ومن أصحابنا من يجعل حصره المباح بالعدد المذكور دلالة على حظره ما عداه وأيضا لما خصهما بالذكر وفرق بينهما وبين غيرهما من الميتات دل تفرقه على اختلاف حالهما ويدل عليه أيضا وقوله تعالى (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) وذلك عموم في خنزير الماء كهو في خنزير البر فإن قيل إن خنزير الماء إنما يسمى حمار الماء قيل له إن سماه إنسان حمارا لم يسلبه ذلك اسم الخنزير المعهود له في اللغة فينتظمه عموم التحريم ويدل عليه حديث ابن أبى ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان قال ذكر طبيب الدواء عند النبي صلّى الله عليه وسلّم وذكر الضفدع يكون في الدواء فنهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتله والضفدع من حيوان الماء ولو كان أكله جائزا والانتفاع به سائغا لما نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتله ولما ثبت تحريم الضفدع بالأثر كان سائر حيوان الماء سوى السمك بمثابته لأنا لا نعلم أحد فرق بينهما واحتج الذين أباحوه بما روى مالك بن أنس عن صفوان بن سليم عن سعيد ابن سلمة الزرقي عن المغيرة بن أبى بردة عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته وسعيد بن سلمة مجهول لا يقطع بروايته وقد خولف في هذا الإسناد فروى يحيى بن سعيد الأنصارى عن المغيرة بن عبد الله وهو ابن أبى بردة عن أبيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورواه يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة وعمرو بن الحارث عن بكر بن سودة عن أبى معاوية العلوي عن مسلم بن مخشى المدلجي عن الفراسى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته * وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن عبدوس قالا حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو