كفرهم لأنا أعطيناهم العهد على أن نخليهم وما يعتقدون ولا يجوز لنا نقض عهدهم بإجبارهم على الإسلام فهذا لا يضرنا الإمساك عنه وأما ما لا يجوز الإقرار عليه من المعاصي والفسوق والظلم والجور فهذا على كل المسلمين تغييره والإنكار على فاعله على ما شرطه النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث أبى سعيد الذي قدمنا* وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي قال حدثنا بن المبارك عن عتبة بن أبى حكيم قال حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال حدثنا أبو أمية الشعبانى قال سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية عليكم أنفسكم فقال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك نفسك ودع عنك العوام فإن من ورائكم أيام الصبر فيه كقبض على الجمر للعامل فيها مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قال وزادني غيره قال يا رسول الله أجر خمسين منهم قال أجر خمسين منكم وهذه دلالة فيه على سقوط فرض الأمر بالمعروف إذا كانت الحال ما ذكر لأن ذكر تلك الحال تنبئ عن تعذر تغيير المنكر باليد واللسان لشيوع الفساد وغلبته على العامة وفرض النهى عن المنكر في مثل هذه الحال إنكاره بالقلب كما قال عليه السّلام فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه فكذلك إذا صارت الحال إلى ما ذكر كان فرض الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالقلب للتقية ولتعذر تغييره وقد يجوز إخفاء الإيمان وترك إظهاره تقية بعد أن يكون مطمئن القلب بالإيمان قال الله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) فهذه منزلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقد روى فيه وجه آخر وهو ما حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا أبو مسهر عن عباد الخواص قال حدثني يحيى بن أبى عمر والشيباني أن أبا الدرداء وكعبا كانا جالسين بالجابية فأتاهما آت فقال لقد رأيت اليوم أمرا كان حقا على من يراه أن يغيره فقال رجل إن الله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) فقال كعب إن هذا لا يقول شيئا ذب عن محارم الله تعالى كما تذب عن عائلتك حتى يأتى تأويلها فانتبه لها أبو الدرداء فقال متى يأتى تأويلها فقال إذا هدمت كنيسة دمشق وبنى