فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإذا اختلف القلوب والأهواء ولبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فأمر أو نفسه عند ذلك جاء تأويل هذه الآية قال أبو بكر يعنى عبد الله بقوله لم يجيء تأويلها بعد إن الناس في عصره كانوا ممكنين من تغيير المنكر لصلاح السلطان والعامة وغلبة الأبرار للفجار فلم يكن أحد منهم معذورا في ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باليد واللسان ثم إذا جاء حال التقية وترك القبول وغلبت الفجار سوغ السكوت في تلك الحال مع الإنكار بالقلب وقد يسع السكوت أيضا في الحال التي قد علم فاعل المنكر أنه يفعل محظورا ولا يمكن الإنكار باليد ويغلب في الظن بأنه لا يقبل إذا قتل فحينئذ يسع السكوت وقد روى نحوه عن ابن مسعود في تأويل الآية* وحدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا هشيم قال أخبرنا يونس عن الحسن عن ابن مسعود في هذه الآية (عليكم أنفسكم) قال قولوها ما قبلت منكم فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم فأخبر ابن مسعود أنه في سعة من السكوت إذا ردت ولم تقبل وذلك إذا لم يمكنه تغييره بيده لأنه لا يجوز أن يتوهم عن ابن مسعود إباحته ترك النهى عن المنكر مع إمكان تغييره* حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو ابن أبى عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلى عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمكم الله بعقاب من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم * قال أبو عبيدة وحدثنا حجاج عن حمزة الزيات عن أبى سفيان عن أبى نضرة قال جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال إنى أعمل بأعمال الخير كلها إلا خصلتين قال وما هما قال لا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر قال لقد طمست سهمين من سهام الإسلام إن شاء غفر لك وإن شاء عذبك قال أبو عبيد وحدثنا محمد بن يزيد عن جويبر عن الضحاك قال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضتان من فرائض الله تعالى كتبهما الله عز وجل قال أبو عبيد أخبرونى عن سفيان بن عيينة قال حدثت ابن شبرمة بحديث ابن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة لم يفر فقال أما أنا فأرى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مثل هذا لا يعجز الرجل عن اثنين أن يأمرهما أو ينهاهما وذهب ابن عباس في ذلك إلى قوله تعالى