أنها المباعر وقال غيرهم هي بنات اللبن ويقال إنها الأمعاء التي عليها الشحم وأما قوله تعالى (أو ما اختلط بعظم) فإنه روى عن السدى وابن جريج أنه شحم الجنب والألية لأنهما على عظم وهذا يدل أيضا ما ذكرنا من أن دخول أو على النفي يقتضى نفى كل واحد مما دخل عليه على حياله لأن قوله تعالى (إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم) تحريم للجميع ونظيره قوله تعالى (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) نهى عن طاعة كل واحد منهما وكذلك قال أصحابنا فيمن قال والله لا أكلم فلانا أو فلانا أنه أيهما كلم حنث لأنه نفى كلام كل واحد منهما على حدة قوله تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ـ إلى قوله ـ كذلك كذب الذين من قبلهم) فيه أكذب للمشركين بقولهم لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا لأنه قال تعالى (كذلك كذب الذين من قبلهم) ومن كذب بالحق فهو كاذب في تكذيبه فأخبر تعالى عن كذب الكفار بقولهم لو شاء الله ما أشركنا ولو كان الله قد شاء الشرك لما كانوا كاذبين في قولهم لو شاء الله ما أشركنا وفيه بيان أن الله تعالى لا يشاء الشرك وقد أكد ذلك أيضا بقوله (إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) يعنى تكذبون فثبت أن الله تعالى غير شاء لشركهم وأنه قد شاء منهم الإيمان اختيارا ولو شاء الله الإيمان منهم قسرا لكان عليه قادرا ولكنهم كانوا لا يستحقون به الثواب والمدح وقد دلت العقول على مثل ما نص الله عليه في القرآن إن مريد الشرك والقبائح سفيه كما أن الآمر به سفيه وذلك لأن الإرادة للشرك استدعاء إليه كما أن الأمر به استدعاء إليه فكل ما شاء الله من العباد فقد دعاهم إليه ورغبهم فيه ولذلك كان طاعة كما أن كل ما أمر الله به فقد دعاهم إليه ويكون طاعة منهم إذا فعلوه وليس كذلك العلم بالشرك لأن العلم بالشيء لا يوجب أن يكون العالم به مستدعيا إليه ولا أن يكون المعلوم من فعل غيره طاعة إذا لم يرده فإن قيل إنما أنكر الله المشركين باحتجاجهم لشركهم بأن الله تعالى قد شاءه وليس ذلك بحجة ولو كان مراده تكذيبهم في قولهم لقال كذلك كذب الذين من قبلهم بالتخفيف قيل له لو كان الله قد شاء الكفر منهم لكان احتجاجهم صحيحا ولكان فعلهم طاعة لله فلما أبطل الله احتجاجهم بذلك علم أنه إنما كان كذلك لأن الله تعالى لم يشأ وأيضا فقد أكذبهم الله تعالى في هذا القول من وجهين أحدهما أنه أخبر بتكذيبهم بالحق والمكذب بالحق لا يكون إلا كاذبا والثاني قوله