جالس عليه برد من صوف فيه طرائق فقلت السلام عليك يا رسول الله وقال وعليك السلام قلت إنا معشر أهل البادية قوم فينا الجفاء فعلمني كلمات ينفعني الله بها قال أدن ثلاثا فدنوت فقال أعد على فأعدت قال اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا وأن تلقى أخاك بوجه منبسط وأن تفرغ من فضل دلوك في إناء المستسقى وإن امرؤ سبك بما يعلم منك فلا تسبه بما تعلم منه فإن الله جاعل لك أجرا وعليه وزرا ولا تسبن شيئا مما خولك الله تعالى قال أبو جرى فو الذي ذهب بنفسه ما سببت بعده شيئا لا شاة ولا بعيرا* والمعروف هو ما حسن في العقل فعله ولم يكن منكرا عند ذوى العقول* الصحيحة* قوله تعالى (وأعرض عن الجاهلين) أمر بترك مقابلة الجهالة والسفهاء على سفههم وصيانة النفس عنهم وهذا والله أعلم يشبه أن يكون قبل الأمر بالقتال لأن الفرض كان حينئذ على الرسول إبلاغهم وإقامة الحجة عليهم وهو مثل قوله (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) وأما بعد الأمر بالقتال فقد تقرر أمر المبطلين والمفسدين على وجوه معلومة من إنكار فعلهم تارة بالسيف وتارة بالسوط وتارة بالإهانة والحبس* قوله تعالى (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) قيل في نزغ الشيطان أنه الإغواء بالوسوسة وأكثر ما يكون عند الغضب وقيل إن أصله الإزعاج بالحركة إلى الشر ويقال هذه نزغة من الشيطان للخصلة الداعية إليه فلما علم الله تعالى نزغ الشيطان إيانا إلى الشر علمنا كيف الخلاص من كيده وشره بالفزع إليه والاستعاذة به من نزغ الشيطان وكيده وبين بالآية التي بعدها أنه متى لجأ العبد إلى الله واستعاذ من نزغ الشيطان حرسه منه وقوى بصيرته بقوله (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) قال ابن عباس الطيف هو النزغ وقال غيره الوسوسة وهما متقاربان وذلك يقتضى أنه متى استعاذ بالله من شر الشيطان أعاذ منه وازداد بصيرة في رد وسواسه والتباعد مما دعاه إليه ورآه إليه ورآه في أخس منزلة وأقبح صورة لما يعلم من سوء عاقبته إن وافقه وهون عنده دواعي شهوته* قوله تعالى (وإخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون) قال الحسن وقتادة والسدى إخوان الشياطين في الضلال يمدهم الشيطان وقال مجاهد إخوان المشركين من الشيطان وسماهم إخوانا لاجتماعهم على الضلالة كالأخوة من النسب في التعاطف به وحنين بعضهم إلى