والإنصات لقراءة نفسه إلا أن يكون معنى الحديث إنهم كانوا يتكلمون خلف النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في الصلاة فنزلت الآية فإن كان كذلك فهو في معنى تأويل الآخرين له على ترك القراءة خلف الإمام فقد حصل من اتفاق الجميع أنه قد أريد ترك القراءة خلف الإمام والاستماع والإنصات لقراءته ولو لم يثبت عن السلف اتفاقهم على نزولها في وجوب ترك القراءة خلف الإمام لكانت الآية كافية في ظهور معناها وعموم لفظها ووضوح دلالتها على وجوب الاستماع والإنصات لقراءة الإمام وذلك لأن قوله تعالى (وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) يقتضى وجوب الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها فإن قامت دلالة على جواز ترك الاستماع والإنصات في غيرها لم يبطل حكم دلالته في إيجابه ذلك فيها وكما دلت الآية على النهى عن القراءة خلف الإمام فيما يجهز به فهي دلالة على النهى فيما يخفى لأنه أوجب الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن ولم يشترط فيه حال الجهر من الإخفاء فإذا جهر فعلينا الاستماع والإنصات وإذا أخفى فعلينا الإنصات بحكم اللفظ لعلمنا به قارئ للقرآن وقد اختلف الفقهاء في القراءة خلف الإمام فقال أصحابنا وابن سيرين وابن أبى ليلى والثوري والحسن بن صالح لا يقرأ فيما جهر وقال الشافعى يقرأ فيما جهر وفيما أسر وقال مالك يقرأ فيما أسر ولا يقرأ فيما جهر وقال الشافعى يقرأ فيما جهر وفيما أسر في رواية المزني وفي البويطى أنه يقرأ فيما أسر بأم القرآن وسورة في الأوليين وأم القرآن في الآخرين وفيما جهر فيه الإمام لا يقرأ من خلفه إلا بأم القرآن قال البويطى وكذلك يقول الليث والأوزاعى* قال أبو بكر قد بينا دلالة الآية على وجوب الإنصات عند قراءة الإمام في حال الجهر والإخفاء وقال أهل اللغة الإنصات الإمساك عن الكلام والسكوت لاستماع القراءة ولا يكون القارئ منصتا ولا ساكتا بحال وذلك لأن السكوت ضد الكلام وهو تسكين الآلة عن التحريك بالكلام الذي هو حروف مقطعة منظومة ضربا من النظام فهما يتضادان على المتكلم بآلة اللسان وتحريك الشفة ألا ترى أنه لا يقال ساكت متكلم كما لا يقال ساكن متحرك فمن سكت فهو غير متكلم ومن تكلم فهو غير ساكت فإن قال قائل قد يسمى مخفي القراءة ساكتا إذا لم تكن قراءته مسموعة كما روى عمارة عن أبى زرعة عن أبى هرير قال كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا كبر سكت بين التكبير والقراءة فقلت له بأبى أنت وأمى أرأيت