عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربع مائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يؤتى اثنا عشر ألفا من قلة ولن يغلب وفي بعضها ما غلب قوم يبلغون اثنى عشر ألفا إذا اجتمعت كلمتهم وذكر الطحاوي أن مالكا سئل فقيل له أيسعنا التحلف عن قتال من خرج عن أحكام الله وحكم بغيرها فقال له مالك إن كان معك اثنا عشر ألفا مثلك لم يسعك التخلف وإلا فأنت في سعة من التخلف وكان السائل له عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر وهذا المذهب موافق لما ذكر محمد بن الحسن والذي روى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في اثنى عشر ألفا فهو أصل في هذا الباب وإن كثر عدد المشركين فغير جائز لهم أن يفروا منهم وإن كانوا أضعافهم لقوله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا اجتمعت كلمتهم وقد أوجب عليهم بذلك جمع كلمتهم قوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) قيل في الفتنة وجوه فروى عن عبد الله أنه من قوله تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) وقال الحسن الفتنة البلية وقيل هي العذاب وقيل هي الفرج الذي يركب الناس فيه بظلم وروى عن ابن عباس أنه قال أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب ونحوه ما روى أنه قبل يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث وروى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال مأمن قوم يعمل فيهم بالمعاصي وهم أكثر ممن يعمل فلم ينكروا إلا عمهم الله بعذاب فحذرنا الله من عذاب يعم الجميع من العاصين ومن لم يعص إذا لم ينكره وقيل إنها يعم من قبل أن الفرح والفتنة إذا وقعا دخل ضررهما على كل واحد منهم قوله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) يعنى ما كان ليعذبهم عذاب الاستيصال وأنت فيهم لأنه صلّى الله عليه وآله وسلم بعث رحمة للعالمين ولا يعذبون وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة فيعمهم بالعذاب بعد خروج النبي صلّى الله عليه وآله وسلم من بينهم ألا ترى أن الأمم السالفة لما استحقوا الاستيصال أمر الله أنبياءه بالخروج من بينهم نحو لوط وصالح وشعيب صلوات الله عليهم وقوله تعالى (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) قال ابن عباس لما خرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلم من مكة بقيت فيها بقية من المؤمنين وقال مجاهد وقتادة والسدى أن لو استغفروا لم يعذبهم قوله تعالى (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام) وهذا العذاب غير العذاب المذكور في الآية الأولى لأن هذا عذاب الآخرة