خبر مستفيض عند أهل الكوفة وقد وردت به الرواية والنقل الشائع عملا وهو مثل أخذ الجزية من أهل السواد على الطبقات الثلاث ووضع الخراج على الأرضين ونحوها من العقود التي عقدها على كافة الأمة فلم يختلفوا في نفاذها وجوازها وقد روى عن على أنه قال لئن بقيت لنصارى بنى تغلب لأقتلن المقاتلة ولأسبين الذرية وذلك إنى كتبت الكتاب بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا ينصروا أولادهم ولم يخالف عمر في ذلك أحد من الصحابة فانعقد به إجماعهم وثبت به اتفاقهم وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده المسلمون تتكافا دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويعتقد عليهم أو لهم ومعناه والله يعلم جواز عقود ائمة العدل على الأمة* فإن قيل أمر الله بأخذ الجزية منهم* فلا يجوز لنا الاقتصار بهم على أخذ الصدقة منهم وإعفاؤهم من الجزية* قيل له الجزية ليس لها مقدار معلوم فيما يقتضيه ظاهر لفظها وإنما هي جزاء وعقوبة على إقامتهم على الكفر والجزاء لا يختص بمقدار دون غيره ولا بنوع من المال دون ما سواه والمأخوذ من بنى تغلب هو عندنا جزية ليست بصدقة وتوضع موضع الفيء لأنه لا صدقة لهم إذ كان سبيل الصدقة وقوعها على وجه القربة ولا قربة لهم وقد قال بنو تغلب نؤدى الصدقة ومضاعفة ولا نقبل أداء الجزية فقال عمر هو عندنا جزية وسموها أنتم ما شئتم فأخبر عمر أنها جزية وإن كانت حقا مأخوذا من مواشيهم وزرعهم* فإن قيل لو كانت* جزية لما أخذت من نسائهم لأن النساء لا جزية عليهن* قيل له يجوز أخذ الجزية من النساء على وجه الصلح كما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أمر بعض أمرائه على بعض بلدان اليمن أن يأخذ من كل حالم أو حالمة دينارا أو عدله من المعافر وقال أصحابنا تؤخذ من موالي بنى تغلب إذا كانوا كفارا الجزية ولا تضاعف عليهم الحقوق في أموالهم لأن عمر إنما صالح بنى تغلب على ذلك ولم يذكر فيه الموالي فمواليهم باقون على حكم سائر أهل الذمة في أخذ جزية الرءوس منهم على الطبقات المعلومة وليس بواجب أن يكونوا في حكم مواليهم كما أن المسلم إذا أعتق عبدا نصرنيا لا يكون في حكم مولاه في باب سقوط الجزية عنه فإن قيل قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موالي القوم من أنفسهم * قيل له مراده أنه منهم في الانتساب إليهم نحو مولى بنى هاشم يسمى هاشميا ومولى بنى تميم يسمى تميميا وفي النصرة والعقل كما يعقل عنه ذوى الأنساب فهذا معنى قوله موالي القوم منهم ولا دلالة فيه على أن حكمه