قال حدثنا أبو اليمان وحجاج كلاهما عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة وابن أبى بلال عن راشد الحبرانى أنه وافى المقداد بن الأسود وهو يجهز قال فقلت يا أبا الأسود قد أعذر الله إليك أو قال قد عذرك الله يعنى في القعود عن الغزو فقال أتت علينا سورة براءة انفروا خفافا وثقالا قال أبو عبيد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن سيرين أن أبا أيوب شهد بدرا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ثم لم يتخلف عن غزاة المسلمين إلا عاما واحدا فإنه استعمل على الجيش رجل شاب ثم قال بعد ذلك وما على من استعمل على فكان يقول قال الله (انفروا خفافا وثقالا) فلا أجدنى إلا خفيفا أو ثقيلا وبإسناده قال أبو عبيد حدثنا يزيد عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أنس بن مالك أن أبا طلحة قرأ هذه الآية (انفروا خفافا وثقالا) قال ما أرى الله إلا يستنفرنا شبانا وشيوخا جهزوني فجهزناه فركب البحر ومات في غزاته تلك فما وجدنا له جزيرة تدفنه فيها أو قال يدفنونى فيها إلا بعد سابعه قال أبو عبيد حدثنا حجاج عن أبى جريج عن مجاهد في هذه الآية قال قالوا فينا الثقيل وذو الحاجة والصنعة والمنتشر عليه أمره قال الله تعالى (انفروا خفافا وثقالا) فتأول هؤلاء هذه الآية على فرض النفير ابتداء وإن لم يستنفروا والآية الأولى يقتضى ظاهرها وجوب فرض النفير إذا استنفروا وقد ذكر في تأويله وجوه أحدها أن ذلك كان في غزوة تبوك لما ندب إليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم الناس إليها فكان النفير مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فرضا على من استنفر وهو مثل قوله (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) قالوا وليس كذلك حكم النفير مع غيره وقيل إن هذه الآية منسوخة حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن محمد المروزى قال حدثنا على بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم) و (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) نسختها الآية التي تليها (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) وقال آخرون ليس في واحدة منهما نسخ وحكمهما ثابت في حالين فمتى لم يقاوم أهل الثغور العدو واستنفروا ففرض على الناس النفير إليهم حتى يسيحوا الثغور وإن استغنى عنهم باكتفائهم بمن هناك سواء استنفروا أو لم يستنفروا ومتى قام الذين في وجه العدو بفرض الجهاد واستغنوا بأنفسهم عمن