ابن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال يعنى من السرايا كانت ترجع وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بعدهم ويبعث سرايا أخر قال فذلك قوله (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) فثبت بما قدمنا لزوم فرض الجهاد وأنه فرض على الكفاية وليس بلازم لكل أحد في خاصة نفسه وماله إذا كفاه ذلك غيره قوله تعالى (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم) الآية روى عن الحسن ومجاهد والضحاك شبانا وشيوخا وعن أبى صالح أغنياء وفقراء وعن الحسن مشاغيل وغير مشاغيل وعن ابن عباس وقتادة نشاطا وغير نشاط وعن ابن عمر ركبانا ومشاة وقيل ذا صنعة وغير ذي صنعة قال أبو بكر كل هذه الوجوه يحتمله اللفظ فالواجب يعمها إذ لم تقم دلالة التخصيص وقوله (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) فأوجب فرض الجهاد بالمال والنفس جميعا فمن كان له مال وهو مريض أو مقعد أو ضعيف لا يصلح للقتال فعليه الجهاد بماله بأن يعطيه غيره فيغزو به كما أن من له قوة وجلد وأمكنه الجهاد بنفسه كان عليه الجهاد بنفسه وإن لم يكن ذا مال ويسار بعد أن يجد ما يبلغه ومن قوى على القتال وله مال فعليه الجهاد بالنفس والمال ومن كان عاجزا بنفسه معدما فعليه الجهاد بالنصح لله ولرسوله بقوله (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) وقوله تعالى (ذلكم خير لكم) مع أنه لا خير في ترك الجهاد قيل فيه وجهان أحدهما خير من تركه إلى المباح في الحال التي لا يتعين عليه فرض الجهاد والآخر أن الخير فيه لا في تركه وقوله تعالى (إن كنتم تعلمون) قيل فيه إن كنتم تعلمون الخير في الجملة فاعلموا أن هذا خير وقيل إن كنتم تعلمون صدق الله فيما وعد به من ثوابه وجنته قوله تعالى (سيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم) الآية لما أكذبهم الله في قوله (لو استطعنا لخرجنا معكم) دل على أنهم كانوا مستطيعين ولم يخرجوا وهذا يدل على بطلان مذهب الجبر في أن المكلفين غير مستطيعين لما كلفوا في حال التكليف قبل وقوع الفعل منهم لأن الله تعالى قد أكذبهم في نفيهم الاستطاعة عن أنفسهم قبل الخروج وفيه دلالة على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أخبر أنهم سيحلفون فجاؤا فحلفوا كما أخبر أنه سيكون منهم قوله تعالى (عفا