فسماه فقيرا مع وجود الحلوبة قال وحكى محمد بن سلام الجمحي عن يونس النحوي أنه قال الفقير يكون له بعض ما يغنيه والمسكين الذي لا شيء له* قال أبو بكر قوله تعالى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) يدل على أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه لأنه لا يحسبه الجاهل بحاله غنيا إلا وله ظاهر جميل وبزة حسنة فدل على أن ملكه لبعض ما يغنيه لا يسلبه صفة الفقر وكان أبو الحسن يستدل على ما قال في صفة المسكين بحديث أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يجد ما يغنيه قال فلما نفى المبالغة في المسكنة عمن ترده التمرة والتمرتان وأثبتها لمن لا يجد ذلك وسماه مسكينا دل ذلك على أن المسكين أضعف حالا من الفقير قال ويدل عليه قوله تعالى (أو مسكينا ذا متربة) روى في التفسير أنه الذي قد لزق بالتراب وهو جائع عار لا يواريه عن التراب شيء فدل ذلك على أن المسكين في غاية الحاجة والعدم فإن قيل قال الله تعالى (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) فأثبت لهم ملك السفينة وسماهم مساكين قيل له قد روى أنهم كانوا أجراء فيها وأنهم لم يكونوا ملاكا لها وإنما وتارة إلى أزواجه ومعلوم أنها لم تخل من أن تكون ملكا له أو لهن لأنه لا يجوز أن تكون لهن وله في حال واحدة لاستحالة كونها ملكا لكل واحد منهم على حدة فثبت أن الإضافة إنما صحت لأجل التصرف والسكنى كما يقال هذا منزل فلان وإن كان ساكنا فيه غير مالك له وهذا مسجد فلان ولا يراد به الملك وكذلك قوله (أما السفينة فكانت لمساكين) هو على هذا المعنى ويقال إن الفقير إنما سمى بذلك لأنه من ذوى الحاجة بمنزلة من قد كسرت فقاره يقال منه فقر الرجل فقرا وأفقره الله إفقارا وتفاقر تفاقرا والمسكين الذي قد أسكنته الحاجة وروى عن إبراهيم النخعي والضحاك في الفرق بين الفقير والمسكين أن الفقراء المهاجرون والمساكين من غير المهاجرين كأنهما ذهبا إلى قوله تعالى (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم) وروى سعيد عن قتادة قال الفقير الذي به زمانة وهو فقير إلى بعض جسده وبه حاجة والمسكين المحتاج الذي لا زمانة به وروى معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب قال ليس المسكين بالذي لا مال له ولكن