مع كثرة فقراء المسلمين وقلة ذات أيديهم فاستحب النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لمن عنده ما يكفيه ترك المسألة ليأخذها من هو أولى منه ممن لا يجد شيئا وهو نحو قوله صلّى الله عليه وآله وسلم من استغنى أغناه الله ومن استعف أعفه الله ومن لا يسئلنا أحب إلينا ممن يسئلنا وقوله صلّى الله عليه وآله وسلم لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب خير له من أن يسئل الناس أعطوه أو منعوه وقد روى عن فاطمة بنت الحسين عن الحسين بن على قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم للسائل حق وإن جاء على فرس فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإعطاء السائل مع ملكه للفرس والفرس في أكثر الحال تساوى أكثر من أربعين درهما أو خمسين درهما وقد روى يحيى بن آدم قال حدثنا على بن هاشم عن إبراهيم بن يزيد المكي عن الوليد بن عبيد الله عن ابن عباس قال سأل رجل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إن لي أربعين درهما أفمسكين أنا قال نعم وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا يعقوب بن يوسف المطوعى قال حدثنا أبو موسى الهروي قال حدثنا المعافى قال حدثنا إبراهيم بن يزيد الجزري قال حدثنا الوليد بن عبد الله بن أبى مغيث عن ابن عباس قال قال رجل يا رسول الله عندي أربعون درهما أمسكين أنا قال نعم فأباح له الصدقة مع ملكه لأربعين درهما حين سماه مسكينا إذ كان الله قد جعل الصدقة للمساكين وروى أبو يوسف عن غالب ابن عبيد الله عن الحسن قال كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقبل أحدهم الصدقة وله من السلاح والكراع والعقار قيمة عشرة آلاف درهم وروى الأعمش عن إبراهيم قال كانوا لا يمنعون الزكاة من له من البيت والخادم وروى شعبة عن قتادة عن الحسن قال من له مسكن وخادم أعطى من الزكاة وروى جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير قال يعطى من له دار وخادم وفرس وسلاح يعطى من إذا لم يكن له ذلك الشيء واحتاج إليه وقد اختلف في ذلك من وجه آخر فقال قائلون من كان قويا مكتسبا لم تحل له الصدقة وإن لم يملك شيئا واحتجوا بما روى أبو بكر بن عياش عن أبى حصين عن سالم بن أبى الجعد عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة سوى ورواه أبو بكر بن عياش أيضا عن أبى جعفر عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم مثله وروى سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال لا تحل الصدقة لغنى ولا لقوى مكتسب وهذا عندنا على وجه الكراهة لا على جهة التحريم على النحو الذي ذكرنا في كراهة المسألة فإن قيل قوله لا تحل الصدقة لغنى على