على عبد الله بن أبى عدو الله القائل يوم كذا كذا وكذا أعد أيامه الخبيثة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لتدعنى يا عمر إن الله خيرنى فاخترت فقال (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) الآية فو الله لو أعلم يا عمر أنى لو زدت على سبعين مرة أن يغفر له لزدت ثم مشى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه وقام على قبره حتى دفن ثم لم يلبث إلا قليلا حتى أنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فو الله ما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أحد من المنافقين ولا قام على قبره بعده فذكر عمر في هذا الحديث الصلاة والقيام على القبر جميعا فدل على ما وصفنا وروى عن أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يصلى على عبد الله بن أبى فأخذ جبريل بثوبه فقال (لا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) قوله تعالى (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) هذا عطف على ما تقدم من ذكر الجهاد في قوله (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم) ثم عطف عليه قوله (وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم) فذمهم على الاستئذان في التخلف عن الجهاد من غير عذر ثم ذكر المعذورون من المؤمنين فذكر الضعفاء وهم الذين يضعفون عن الجهاد بأنفسهم لزمانة أو عمى أو سن أو ضعف في الجسم وذكر المرضى وهم الذين بهم أعلال مانعة من النهوض والخروج للقتال وعذر الفقراء الذين لا يجدون ما ينفقون وكان عذر هؤلاء ومدحهم بشريطة النصح لله ورسوله لأن من تخلف منهم وهو غير ناصح لله ورسوله بل يريد التضريب والسعى في إفساد قلوب من بالمدينة لكان مذموما مستحقا للعقاب ومن النصح لله تعالى حث المسلمين على الجهاد وترغيبهم فيه والسعى في إصلاح ذات بينهم ونحوه مما يعود بالنفع على الدين ويكون مع ذلك مخلصا لعمله من الغش لأن ذلك هو النصح ومنه التوبة النصوح قوله (ما على المحسنين من سبيل) عموم في أن كل من كان محسنا في شيء فلا سبيل عليه فيه ويحتج به في مسائل مما قد اختلف فيه نحو من استعار ثوبا ليصلى فيه أو دابة ليحج عليها فتهلك فلا سبيل عليه في تضمينه لأنه محسن وقد نفى الله تعالى السبيل عليه نفيا عاما ونظائر ذلك مما يختلف في وجوب الضمان عليه بعد حصول صفة الإحسان له فيحتج به نافو الضمان ويحتج مخالفنا في إسقاط ضمان الجمل الصئول إذا قتله من خشي أن يقتله بأنه محسن في قتله للجمل وقال الله تعالى (ما على المحسنين من سبيل)