وهب قال أخبرنى جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن على
بن أبى طالب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فإذا كانت لك مائتا درهم وحال
عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا
فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار وليس في مال زكاة حتى
يحول عليه الحول وهذا الخبر في الحول وإن كان من أخبار الآحاد فإن الفقهاء قد
تلقته بالقبول واستعملوه فصار في حيز المتواتر المواجب للعلم وقد روى عن ابن عباس
في رجل ملك نصابا أنه يزكيه حين يستفيده وقال أبو بكر وعلى وعمر وابن عمر وعائشة
لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول ولما اتفقوا على أنه لا زكاة عليه بعد الأداء حتى
يحول عليه الحول علمنا أن وجوب الزكاة لم يتعلق بالملك دون الحول وأنه بهما جميعا يجب
وقد استعمل ابن عباس خبر الحول بعد الأداء ولم يفرق النبي صلّى الله عليه وسلّم
بينه قبل الأداء وبعده بل نفى إيجاب الزكاة في سائر الأموال نفيا عاما إلا بعد حول
الحول فوجب استعماله في كل نصاب قبل الأداء وبعده ومع ذلك يحتمل أن لا يكون ابن
عباس أراد إيجاب الأداء بوجود ملك النصاب وأنه أراد جواز تعجيل الزكاة لأنه ليس في
الخبر ذكر الوجوب واختلف فيما زاد على المائتين من الورق فروى عن على وابن عمر
فيما زاد على المائتين بحسابه وهو قول أبى يوسف ومحمد ومالك والشافعى وروى عن عمر
أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين درهما وهو قول أبى حنفية ويحتج من اعتبر
الزيادة أربعين بما روى عبد الرحمن ابن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلّى الله
عليه وسلّم وليس فيما زاد على المائتي درهم شيء حتى يبلغ أربعين درهما وحديث على
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم هاتوا زكاة الرقة من كل أربعين درهما درهما وليس
فيما دون خمس أواق صدقةفوجب استعمال قوله في كل أربعين درهم درهما على أنه جعله
مقدار الواجب فيه كقوله صلّى الله عليه وسلّم وإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة شاة
ويدل عليه من جهة النظر أن هذا مال له نصاب في الأصل فوجب أن يكون له عفو بعد
النصاب كالسوائم ولا يلزم أبا حنيفة ذلك في زكاة الثمار لأنه لا نصاب له في الأصل
عنده وأبو يوسف ومحمد لما كان عندهما أن لزكاة الثمار نصابا في الأصل ثم لم يجب
اعتبار مقدار بعده بل الواجب في القليل والكثير كذلك الدراهم والدنانير ولو سلم
لهما ذلك كان قياسه على السوائم أولى منه على الثمار لأن السوائم يتكرر وجوب الحق
فيها بتكرر السنين