لأن هذا الحق لا يختلفان فيه فلما فرق النبي صلّى الله عليه وسلّم بينهما دل على أنه لم يرد به ذلك وأنه إنما أراد الزكاة وعلى أنه قد روى أن الزكاة نسخت كل حق كان واجبا حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا حسن بن إسحاق التستري قال حدثنا على بن سعيد قال حدثنا المسيب بن شريك عن عبيد المكتب عن عامر عن مسروق عن على قال نسخت الزكاة كل صدقة وأيضا قد روى أن أهل الشام سألوا عمر أن يأخذ الصدقة من خيلهم فشاور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم فقال له على لا بأس ما لم تكن جزية عليهم فأخذها منهم وهذا يدل على اتفاقهم على الصدقة فيها لأنه شاور الصحابة ومعلوم أنه لم يشاورهم في صدقة التطوع فدل على أنه أخذها واجبة بمشاورة الصحابة وإنما قال على لا بأس ما لم تكن جزية عليهم لأنه لا يؤخذ على وجه الصغار بل على وجه الصدقة واحتج من لم يوجبها بحديث على رضى الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق وحديث أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة وهذا عند أبى حنيفة على خيل الركوب ألا ترى أنه لم ينف صدقتها إذا كانت للتجارة بهذا الخبر واختلف في زكاة العسل فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والأوزاعى إذا كان في أرض العشر ففيه العشر وقال مالك والثوري والحسن بن صالح والشافعى لا شيء فيه وروى عن عمر بن عبد العزيز مثله وروى عنه الرجوع عن ذلك وأنه أخذ منه العشر حين كشف عن ذلك وثبت عنده ما روى فيه وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال بلغني أن في العسل العشر قال ابن وهب وأخبرنى عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وربيعة بذلك وقال يحيى إنه سمع من يقول فيه العشر في كل عام بذلك مضت السنة قال أبو بكر ظاهر قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) يوجب الصدقة في العسل إذ هو من ماله والصدقة إن كانت مجملة فإن الآية قد اقتضت إيجاب صدقة ما وإذا وجبت الصدقة كانت العشر إذ لا يوجب أحد غيره ويدل عليه من جهة السنة ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن أبى شعيب الحراني قال حدثنا موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث المصرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء هلال أحد بنى متعان إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعشور نحل له وسأله أن يحمى واديا له يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك الوادي فلما ولى عمر بن الخطاب كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسئله عن ذلك فكتب