(ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا ـ إلى قوله ـ وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قد دخل فيه أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم لأن ابتداء الخطاب لهن* قوله تعالى (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط) يعنى لما ذهب عنه الفزع جادل الملائكة حتى قالوا إنا أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم فقال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله يروى ذلك عن الحسن وقيل إنه سألهم فقال أتهلكونهم إن كان فيها خمسون من المؤمنين قالوا لا ثم نزلهم إلى عشرة فقالوا لا يروى ذلك عن قتادة ويقال جادلهم ليعلم بأى شيء استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أم على سبيل الإخافة ليقبلوا إلى الطاعة* ومن الناس من يحتج بذلك في جواز تأخير البيان لأن الملائكة أخبرت أنها تهلك قوم لوط ولم تبين المنجين منهم ومع ذلك فإن إبراهيم عليه السلام جادلهم وقال لهم أتهلكونهم وفيهم كذا رجلا فيستدلون بذلك على جواز تأخير البيان وهذا ليس بشيء لأن إبراهيم سألهم عن الوجه الذي به استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أو على سبيل التخويف ليرجعوا إلى الطاعة قوله تعالى (أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا) وإنما قيل أصلوتك تأمرك لأنها بمنزلة الآمر بالخير والناهي عن الشر كما قال تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وجائز أن يكون أخبرهم بذلك في حال الصلاة فقال أصلوتك تأمرك بما ذكرت وعن الحسن أدينك يأمرك أى فيه الأمر بهذا قوله تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) والركون إلى الشيء هو السكون إليه بالأنس والمحبة فاقتضى ذلك النهى عن مجانسة الظالمين ومؤانستهم والإنصات إليهم وهو مثل قوله تعالى (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) وقوله تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) قيل فيه لا يهلكهم بظلم صغير يكون منهم وقيل بظلم كبير يكون من قليل منهم كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم إن الله لا يهلك العامة بذنوب الخاصة وقيل لا يهلكهم وهو ظالم لهم كقوله (إن الله لا يظلم الناس شيئا) وفيه إخبار بأنه لا يهلك القرى وأهلها مصلحون وقال تعالى في آية أخرى (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) فدل ذلك على أن الناس يصيرون إلى غاية الفساد عند اقتراب الساعة ولذلك يهلكهم الله وهو مصداق قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق قوله تعالى