من الواحد وهو معنى قوله (ونحن عصبة) ومع إنهم كانوا أنفع له بتدبير أمر الدنيا لأنهم كانوا يقومون بأمواله ومواشيه فذهبوا إلى أن اصطفاءه إياه بالمحبة دونهم وتقديمه عليهم ذهاب عن الطريق الصواب قوله تعالى (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم) الآية فإنهم تآمروا فيما بينهم على أحد هذين من قتل أو تبعيد له عن أبيه وكان الذي استجازوا ذلك واستجرءوا من أجله عليه قولهم (وتكونوا من بعده قوما صالحين) فرجوا التوبة بعد هذا الفعل وهو نحو قوله تعالى (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) قيل في التفسير أنه يعزم على المعصية رجاء التوبة بعدها فيقول أفعل ثم أتوب وفي ذلك دليل على أن توبة القاتل مقبولة لأنهم قالوا وتكونوا من بعده قوما صالحين وحكاه الله عنهم ولم ينكره عليهم قوله تعالى (قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب) لما تآمروا على أحد شيئين من قتل أو إبعاد عن أبيه أشار عليهم هذا القائل حين قالوا لا بد من أحد هذين بأنقص الشرين وهو الطرح في جب قليل الماء ليأخذه بعض السيارة وهم المسافرون فلما أبرموا التدبير وعزموا عليه نابوا للتلطف في الوصول إلى ما أرادوا فقالوا (يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف) إلى آخر الآيتين وقوله تعالى (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) قيل في يرتع يرعى وقيل إن الرتع الاتساع في البلاد ويقال يرتع في المال أى هو يتسع به في البلاد واللعب هو الفعل المقصود به التفرج والراحة من غير عاقبة له محمودة ولا قصد فيه لفاعله إلا حصول اللهو والفرح فمنه ما يكون مباحا وهو ما لا إثم فيه كنحو ملاعبة الرجل أهله وركوبه فرسه للتطرب والتفرج ونحو ذلك ومنه ما يكون محظورا وفي الآية دلالة على أن اللعب الذي ذكروه كان مباحا لو لا ذلك لأنكره يعقوب عليه السلام عليهم فلما سألوه إرساله معهم قال (إنى ليحزننى أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) فذكر لهم حزنه لذهابهم به لبعده عن مشاهدته وإنه خائف مع ذلك أن يأكله الذئب فاجتمع عليه في هذه الحال شيئان الحزن والخوف فأجابوه بأنه يمتنع أن يأكله الذئب وهم جماعة وإن ذلك لو وقع لكانوا خاسرين قوله تعالى (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) قال ابن عباس لا يشعرون بأنه يوسف في وقت ينبئهم وكذلك قال الحسن أوحى الله إليه وهو في الجب فأعطاه النبوة وأخبره أنه ينبئهم بأمرهم هذا قوله تعالى (وجاؤ أباهم عشاء يبكون) روى أن الشعبي كان جالسا