عن أبى عمران الجونى عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة قتل قال قلت ألبس سلاحي قال شاركت القوم إذ قال قلت فكيف أصنع يا رسول الله قال إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ناحية ثوبك على وجهك يبؤ بإثمك وإثمه فاحتجوا بهذه الآثار ولا دلالة لهم فيها فأما قول النبي صلى الله عليه وسلّم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فإنما أراد بذلك إذا قصد كل واحد منهما صاحبه ظلما على نحو ما يفعله أصحاب العصبية والفتنة وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم إن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فافعل ولا تقتل أحدا من أهل القبلة فإنما عنى به ترك القتال في الفتنة وكف اليد عن الشبهة فأما قتل من استحق القتل فمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم ينفه بذلك وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم كن كخير ابني آدم فإنما عنى به أن لا يبدأ بالقتل وأما دفع القاتل عن نفسه فلم يمنعه فإن احتجوا بما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس فلا يجوز قتله قبل أن يقتل بقضية نفى النبي صلّى الله عليه وسلّم قتل المسلم إلا بإحدى ما ذكر وهذا لم يقتل بعد فلا يستحق القتل قيل له هذا القاصد لقتل غيره ظلما داخل في هذا الخبر لأنه أراد قتل غيره فإنما قتلناه بنفس من قصد لقتله لئلا يقتله فأحيينا نفس المقصود بقتلنا إياه ولو كان الأمر في ذلك على ما ذهبت إليه هذه الطائفة من حظر قتل من قصد قتل غيره ظلما والإمساك عنه حتى يقتل من يريد قتله لوجب مثله في سائر المحظورات إذا أراد الفاجر ارتكابها من الزنا وأخذ المال أن نمسك عنه حتى يفعلها فيكون في ذلك ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واستيلاء الفجار وغلبة الفساق والظلمة ومحو آثار الشريعة وما علم مقالة أعظم ضررا على الإسلام والمسلمين من هذه المقالة ولعمري إنها أدت إلى غلبة الفساق على أمور المسلمين واستيلائهم على بلدانهم حتى تحكموا فحكموا فيها بغير حكم الله وقد جر ذلك ذهاب الثغور وغلبة العدو حين ركن الناس إلى هذه المقالة في ترك قتال الفئة الباغية والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإنكار على الولاة والجوار والله المستعان ويدل على صحة قول الجمهور في ذلك وأن القاصد لقتل غيره ظلما يستحق القتل وأن على الناس كلهم أن يقتلوه قوله تعالى (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) فكان في